أنا والصَدى :: بقــلم الشاعــر أ/ حسن منصـور
سمر الرميمة
11 أبريل, 2015
شعر
464 زيارة
أنـا والصَّـدى
وأنْتَ أَمـامي أُفـكِّــرُ فـيـكْ
وَأنتَ وَرائـي أُفكِّــرُ فيكْ
وأنتَ تُحـيطُ بكلِّ خُــطايَ
وفي كُلِّ نَبْضي أَنا أَلْتَقيكْ
هواجِسُ نفْسي تَدورُ عليكَ
ومُنذُ الطُّـفـولَةِ إِنّي أَعـيكْ
أراكَ تُحَــوِّمُ فـوقَ خَـيالِي
وتَرْسُمُكَ الشّمسُ فوقَ الشُّكوك
فأنْظُرُ نَحـوَ السَّماءِ مَلـِيّاً
لعـلّي أراكَ كَمـا أرْتَجـيـك
ولكنْ أَرى الشّمسَ تَبهَرُ عَيني
وما كانَ يُبْديكَ صارَ يَقيك
****
رأيْتُكَ يومـاً أمامي تَسيرُ
بَعيدًا بعيدًا ولَمْ تَنْتَظِرْنِي
فأسْرَعْتُ خَلفكَ كَالبَرقِ أعْدو
أُناديكَ: مَهلاً! فَلمْ تَسْتَمِعْني
وما إنْ دَنَوْتُ وقُلتُ وصَلْتُكَ
حَـتّى اخْتَفَيْتَ ولَمّا تُجِبْني
فهلْ أنتَ تسْمعُ ماذا أقولُ
أتَسمَعُ صَوْتِي ولَهْفةَ عَيْني
أتسْمعُ نَجْوى فُؤادي الشَّغوفِ
أتسمعُ روحي ونَفْسي وذِهْني
وهــلْ أنتَ فِيَّ ولَسْتُ أراكَ
وهـلْ أَنـا فـيكَ أُفـتِّشُ عـنّي؟!
****
لقدْ صَدِئَتْ بِالْحَوادِثِ نفْسي
فَروحي تَئِنُّ وصَدري يَضيقْ
وأنْظُرُ حـوْلِي لعَـلَّ صَديقاً
سيَسْمعُ صوْتِي، وَما مِن صَديقْ
أُحَــدِّقُ في كُلِّ وجــهٍ أَراهُ
بِلَهْفَةِ طفْلٍ أَضاعَ الطَّريق
وأرْجو التَّعَلُّقَ منْها بِشيءٍ
كَـما تَتعـلَّـقُ أيْدي الغَـريقْ
ولكنْ وجدْتُ التَّشبُّثَ شَيْئاً
بَعـيدَ الْمَـنالِ وَما لا أُطيقْ
ولَمّا يَئِسْتُ وكِدْتُ أَغوصُ
وجَـدْتُكَ تُشْعلُ فِيَّ الْحَريقْ!
****
فقُلْ لِي بِرَبِّكَ مِنْ أيْنَ تَأْتِي
وكـيفَ تَجيءُ بِغـيْرِ انْتِظارِ
لِماذا أَتَيْتَ وأيْقَظْتَ روحي
وَأَجَّجْتَ عزْمي وأشْعلتَ ناري
وكيفَ عـرفتَ بِأنّي أُعـانِي
وكيفَ أتَيتَ إلَى عُـقْـرِ داري
وكيفَ أضاعَـكَ مَرُّ السّنينِ
وكـنتُ نَسـيتُكَ بعـــدَ ادِّكارِ
فكيفَ احْتفظْتَ بذاكَ الوَفاءِ
ولَمْ تَنْسَ وَجْهي بذاكَ الغِمارِ؟!
قَرَنْتَ الوَفاءَ بِدهْرٍ عَصيبٍ
ففِعْلٌ عَظيمٌ وحُسْنُ اخْتِيار!
****
أَسيرُ ـ وأنْتَ مَعي ـ مُطْمَئِنًّا
كَأنّي وُلــدْتُ بِعـمْرٍ جَديدْ
ومَهْما اكْفَهرَّتْ وُجوهُ اللَّيالِي
فلَسْتُ أخافُ الدُّجى والرُّعودْ
ووَجهُكَ نَجْمٌ ثَوى في خَيالِي
وفي أفْـقِ عَـيْني يَشُقُّ السُّدودْ
إِلى أنْ أَتى الفَجرُ والدِّفءُ فيهِ
وبَسْمَةُ شَمْسِ الصَّباحِ الوَليدْ
وقَبْلَكَ ما كُنتُ أبْصِرُ شيْئاً
بِهــذا الْجَـمالِ النَّقيِّ الْفَـريدْ
فعُمْري جَديدٌ وعزْمي حَديدٌ
وَدَرْبِي أَكيدٌ وخَطْوي رَشيد
****
وأنْظُرُ حوْلِي أَمامي وخَلْفي
لعَــلّي أَراكَ كَلَـمْحَـةِ نــورِ
أُحِـسُّ بأنَّـكَ تَمْــلأُ عَــيْـني
وأنَّكَ تَأْسِـرُ كُـلَّ شُـعـوري
ولكنْ عَشيتُ فلسْتُ أَراكَ
وأنْتَ القَوِيُّ بِهذا الْحُضورِ
أُريدُ التّحقُّقَ مِنْكَ عَياناً
لأَهْزِمَ شيْطانَ شَكّي الْمَريرِ
لأُوقِنَ أنَّكَ ما كُنْتَ تَنْسى
وتَغفَلُ عنْ صَرْخَةِ الْمُسْتَجيرِ
وهلْ يَطْمَئِنُ الْفَتى لِنَعيمٍ
يُشـاغِـلُهُ عَـنْ خَــفِيِّ الْمَـصيرِ؟!
****
تَوَدَّدَ لِي صاحِـبٌ وقَريبٌ
وكُـنْتُ سَعــيداً بِهـــذا الــوَدادِ
فَهذا صَديقي وهذا ابْنُ أُمّي
أَراهُمْ يُحِسّونَ نَبْضَ فُؤادي
وَليْسوا يَغيبونَ عنيّ فأَشْكو
ولَيْسوا يُطيقونَ يومَ ابْتِعادي
ولكنْ مَشَيْتُ طريقَ الْحَياةِ
فغابَ الرِّفاقُ وَضَلَّ اعْتِقادي
وأصْبحْتُ وحْدي بأرضِ فَلاةٍ
أنا مَـنْ أَرى وَأَنا مَـنْ أُنادي
وأنْتَ الوَحيدُ الذي صانَ وُدّي
فَـفـقْـدُكَ ليسَ كأَيِّ افْـتِـقــادِ!
****
وَما كنتُ أنْسى زَمانَ السُّرورِ
ولَهْـفَـةَ نَفْـسي بِذاكَ الصَّفاءْ
كأنّي أُريدُ اغْـتِرافَ الْحَـياةِ
بِحِسّي وَروحي صَباحَ مَساء
وأمْشي كأَنّي بِطولِ الْجِبالِ
وأَحْـــيا كأنِّيَ فــوقَ الـفَـــناء ْ
وَكِدْتُ هُناكَ أَضِلُّ الطَّريقَ
ويَغْفو ضَميري وَيَطْغى البَلاءْ
إلَى أنْ رأَيْتُكَ تَسمو بِفِكْري
وَتوقِــظُ فِيَّ صَدى الكِـبْـرِياء
وتَدفَعُني في طريقِ الصُّعودِ
لأَمْشي ورَأْسي يَطالُ السَّماء
****
لوامِعُ منكَ تَلوحُ وتَخْفى
ولكـنْ يَظلُّ سَناهــا مُقــيما
تَرى (عينُ ذاتِي) مَنارًا بِها
فيَهدي الغَريبَ ويَشْفي السَّقيما
ويَحْمي مِنَ الغَيِّ، مِنْ شَرِّ دُنيا
معَ الشَّهدِ دَوْماً تَدُسُّ السُّموما
وَتَسْقيكَ كأسَ السُّرورِ ولكِنْ
تُميتُ الوَقارَ وتُغوي الْحَكيما
فهلْ أنْتَ مِنْ عالَمٍ لا يَزالُ
نَقِيَّ الضّميِر، مُحِـبًّا حَميما؟!
أَفيضوا عَليْنا مِن الطُّهرِ شَيئاً
فـرُبَّ بَغِيٍّ تَصيرُ حَـشيما!
****
وأنتَ أمامي أُفكّــِرُ فــيكْ
وأنتَ وَرائــي أُفـكّـرُ فـيكْ
خَفيتَ عليَّ وَلِي قدْ ظَهرْتَ
وإِنَّكَ لِي في حَياتِي شَريك
ولَسْتُ أراكَ ولكنْ أَراكَ
وأنْتَ لـــديَّ ولا أدَّعـــيـك
ولكنْ بِرَبِّكَ لا تَبْتَعِدْ
وَلَـب ِّ نداءَ الذي يَرْتَجـيكْ
وإنّي أَجوزُ صِراطَ الْحَياةِ
وأسْعى إلـيكَ لكيْ ألْـتَقـيك
فكُنْ في ضَميري وكُنْ في حَياتِي
وكُنْ في سَمائي فأنْتَ الْمَليكْ!.