- قصيدة (إن سال من غرب العيون بحور )
- شعر : – عائشة التمورية
- الرسالة بقلم : أحمد خلف – الشارقة
كنت قد كتبت هذه اليومية للشاعرة الأخت الفاضلة مرشدة جاويش
لمناسبة وفاة ابنتها .. وها أنا ذا أعيدها للذكرى في هذا المحفل الأدبي الراقي .. فإليكموها كما هي من 20 أكتوبر، 2013 ·
إلى الأخت الفاضلة الشاعرة مرشدة جاويش
( نحن أهل الدير لنا قلوب رقيقة لا تحتمل البعد فكيف إذا كان الموت الذي لا تلاقي بعده إلا في الآخرة… وإني لأكبر هذه الأم الثكلى….فكيف إذا كانت شاعرة!!!
ام أسيل المحترمة…الصبر أهم ما وصى به رب العزة…..
وإني لا أريد أن أزيدك …..إلا صبرا ….ولكني ظفرت بقصيدة لأم شاعرة …رثت ابنتها كما أراك تفعلين…
وإني أكرر …وكلي حزن ….. ما أريدك أن تحزني أكثر من حزنك…لكن المصاب واحد لي ولك …وكأننا في الهم شرق…..الشاعرة عائشة التيمورية
مر على عرس”توحيدة” شهر حتى أصابها مرض مفاجئ فماتت. وروعت عائشة التيمورية هذه الصدمة ولم تستطع التصبر وتركت كل شيء إلا الانقطاع لرثائها ، ورثتها بقصيدة لو أنها قرئت على الصخور لأذابتها …حرقتها كبيرة !!..
وكان هذا الحادث الأليم عميق الأثر في نفس عائشة حيث ظلت 7 سنوات بعد وفاة ابنتها في حزن دائم وبكاء لا ينقطع، وأحرقت في ظل الفاجعة أشعارها كلها إلا القليل.
و القصيدة التي أبكتني …أيضا وبحرقة…أنقلها لك بحذافيرها …فمعذرة ) – بقلم أحمد خلف – الشارقة .
___________________________
إن سال من غرب العيون بحور *** فالدهر باغ والزمان غدور
فلكل عيـن حق مدرار الدما *** ولكل قلب لوعة وثبــور
ستر السنا وتحجبت شمس الضحى *** وتغيبت بعد الشروق بدور
ومضى الذي أهوى وجرعني الأسى *** وغدت بقلبي جذوة وسعير
يا ليته لما نوى عهد النـوى *** وافى العيون من الظلام نذير
ناهيك ما فعلت بما حشاشتي *** نار لها بين الضلوع زفير
لو بث حزني في الورى لم يلتفت *** لمصاب قيس والمصاب كثير
طافت بشهر الصوم كاسات الردى *** سحرا وأكواب الدموع تدور
فتناولت منهــا ابنتـي فتغيرت *** وجنات خد شانها التغيير
فذوت أزاهير الحياة بروضهـا *** وانقد منها مائس ونضيــر
لبست ثياب السقم في صغر وقد *** ذاقت شراب الموت وهو مرير
جاء الطبيب ضحى وبشر بالشفا *** إن الطبيب بطبه مغـــرور
وصف التجرع وهو يزعم أنـه *** بالبرء من كل السقام بشير
فتنفست للحزن قائلة لــــه *** عجل ببرئي حيث أنت خبيـر
وارحم شبابي إن والدتي غـدت *** ثكلى يشير لها الجوى وتشير
وارأف بعين حرمت طيب الكرى *** شكو السهاد وفي الجفون فتور
لما رأت يأس الطبيب وعجزه *** قالت ودمع المقلتين غزير
أمــاه قد كل الطبيب وفاتني *** بما أؤمل في الحياة نصير
لو جاء عراف اليمامة يبتغي *** برئي لرد الطرف وهو حسير
يا روع روحي حلها نزع الضنى *** عمـا قليل ورقها ستطيــر
أماه قد عز اللقاء وفي غد *** سترين نعشي كالعروس يسير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي *** هو منزلي وله الجموع تصير
قولي لرب اللحد رفقا بابنتي *** جاءت عروسا ساقها التقدير
وتجلدي بإزاء لحدي برهة *** فتراك روح راعها المقدور
أماه قد سلفت لنا أمنية *** يا حسنها لو ساقها التيسير
كانت كأحلام مضت وتخلفت *** مذ بان يوم البين وهو عسير
عودي إلى ربع خلا ومآثر *** قد خلفت عني لها تأثير
صوني جهاز العرس تذكارا فلي *** قد كان منه إلى الزفاف سرور
جرت مصائب فرقتي لك بعد ذا *** لبس السواد ونفِّذ المسطور
والقبر صار لغصن قدي روضة *** ريحانها عند المزار زهور
أماه لا تنسي بحق بنوتي *** قبري لئلا يحزن المقبور
ورجاء عفو أو تلاوة منزل *** فسواك من لي بالحنين يزور
فلعلما أحظى برحمة خالق *** هو راحم بر بنا وغفور
فأجبتها والدمع يحبس منطقي *** والدهر من بعد الجوار يجور
بنتاه يا كبدي ولوعة مهجتي *** قد زال صفو شأنه التكدير
لا توصي ثكلى قد أذاب فؤداها *** حزن عليك وحسرة وزفير
قسما بغض نواظري وتلهفي *** مذ غاب إنسان وفارق نور
وبقُبلتي ثغرا تقضى نحبه *** فحرمت طيب شذاه وهو عطير
والله لا أسلو التلاوة والدعا *** ما غردت فوق الغصون طيور
كلا ولا أنسى زفير توجعي *** والقد منك لدى الثرى مدثور
إني ألفت الحزن حتى أنني *** لو غاب عني ساءني التأخير
قد كنت لا أرضى التباعد برهة *** كيف التصبر والبعاد دهور
أبكيك حتى نلتقي في جنة ***برياض خلد زينتها الحور
إن قيل ساجدة أقول لقد فنى *** عيشي وصبري والإله خبير
ولهي على سما الحسن التي *** قد غاب بدر جمالها المستور
قلبي وجفني واللسان وخالقي *** راض وباك شاكر وغفور
متعتِ بالرضوان في خلد الرضا *** ما ازينت لك غرفة وقصور
وسمعت قول الحق للقوم ادخلوا *** دار السلام فسعيكم مشكور
هذا النعيم به الأحبة تلتقي *** لا عيش إلا عيشه مبرور
_________
- هامش / …
عائشة التيمورية (1840-1902) .. لها ديوان باللغة العربية باسم (حلية الطراز) وآخر بالفارسية طبع بمصر وبالأستانة وبإيران، ولديها رسالة في الأدب بعنوان “نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال” طبعت بمصر وتونس.
لديها رواية بعنوان “اللقا بعد الشتات” وتركت رواية أخرى غير مكتملة بخط يدها.
نشرت عائشة في جريدة الآداب والمؤيد عددا من المقالات عارضت فيها آراء قاسم أمين ودعوته إلى السفور. ومن آثارها الأدبية الأخرى «مرآة التأمل في الأمور» وكتاب يضم مجموعة من القصص باسم «نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال». وتوفيت في 25 مايو من عام 1902م )
“توحيدة” هي ابنة الشاعرة…. عائشة التيمورية .