المعرفةُ نورٌ
يمتدُّ كالشّمسِ في فضاءِ الفكر،
والإيمانُ دفءٌ
يتوهّجُ كاللهبِ في أعماقِ الروح.
يسيرانِ معًا،
كجناحي طائرٍ
يحلّقُ في فضاءِ الحقيقة،
فلا غِنى لأحدِهِما عن الآخر،
ولا تمامَ لمسيرتِهِما إلّا إذا اتّحدا.
المعرفةُ صوتُ العقل،
خطواتُ الدليلِ في دروبِ المجهول،
ضياءٌ يُبدّدُ عتمةَ الجهل،
لكنّها، رغم سطوعِها،
قد تظلُّ باردةً،
جامدةً،
إن لم يَمنَحْها الإيمانُ نبضَهُ الدافئ.
والإيمانُ،
هو الرجاءُ الممتدُّ خلفَ الأفق،
هو الثقةُ بما لا يُرى،
والقلبُ حين يَهتدي دونَ عَين،
لكنّه قد يتيهُ بلا دليلٍ،
إن لم تَضِئْهُ المعرفةُ بعقلِها الهادي.
قد يَعرفُ العالِمُ سرَّ الماء،
لكنّه لا يُفسِّرُ وَقعَ البحرِ في الروح.
قد يَملِكُ الإنسانُ آلافَ الكُتب،
لكنَّه إن لم يُؤمنْ بشيء،
ظلَّ تائهًا في زحامِ الفِكر،
بلا بوصلة، بلا يقين.
المعرفةُ آلةٌ جبّارة،
تَصنَعُ العُمرانَ،
لكنّها قد تُشعِلُ الدمار.
العِلمُ كَشفَ الذرّة،
لكنَّه لم يَمنعها من أن تَصيرَ نارًا في الحَرب.
الذّكاءُ يَكبُرُ، يَتعاظمُ،
لكنَّه قد يُصبِحُ وحشًا،
إن لم يُقَيّدهُ العَدلُ،
ويَحكمْهُ الإيمانُ.
فيا قلبًا يَنبضُ إيمانًا،
ويا عقلًا يُضيءُ عِلمًا،
لا تَسيرَا مُنفَردَين.
فما الحياةُ إلّا ميزانُ نورٍ ونبض،
وما الحقيقةُ إلّا لقاءُ العقلِ والروحِ،
حيثُ لا يَضلُّ الطّريقَ
مَن يَحمِلُ الخريطةَ،
ويُبصِرُ بالنُّور.
فأيهُما أنت؟
قلبٌ يُؤمن؟
أم عقلٌ يَعرف؟
أم أنّكَ تَبحثُ عن المَلتقى بينهما؟