قُبيْلَ ميلادِكَ ..
كنتُ معلقّةً في جداريةٍ
من صنعِ أبجديّتي
تعاني الصقيعَ والعتمةَ
ووجهي يلهثُ بعبثيّةِ الألوانِ
يختنقُ بالاشتياقِ والاشتهاءِ
وفوضى الروحِ في التّصحّرِ
منذُ روحِكَ ..
وشمْتُكَ لهفةً على مخارجِ الشّرودِ
لأحتويكَ في هوسِ البياضِ
وأنا سكرى منذُ بدايةِ الحضارةِ
وشهقةٌ مهيّأةٌ للعشقِ
يغريني فيكَ النّبيذُ وزهرُ الليمونِ
منذُ عطرِكَ ..
والشموعُ تعاقرُ خمرتي
بعبقِ الحبِّ
تحتفلُ بعناقٍ ووصالٍ
لتنجبَ اللذةَ والانتشاءَ
فأهزُّ أنفاسَكَ على مهلْلٍ
لتأتيَني سحابةً من غَمامٍ وأحلامٍ
منذُ جبينِكَ ..
وأنا أرسمُكَ ناراً ثائرةً
تنزُّ بشبوبِ الطّيوفِ
بريشةٍ من ضفائري
تغني مواويلَ الحقولِ
فأشكِّلُكَ معجوناً بعرقِ الوقتِ والتعبِ
منذُ كفّيكَ ..
نحتُّكَ قصيدةً من الدفءِ
تتراءى في قاعِ الرّوحِ
أسدِلُ عليها أنوثتي
من ماءٍ ونارٍ
تتشاقى في تضاريسِكَ
تدثِّرُكَ بالغزلِ والقُبلِ ..
منذُ جنونٍ ونصفٍ ..
وأنا أغزلُكَ موسيقا بقوافٍ
تفيضُ على الضفافِ
كما عزفٌِ شَغوفٌ
يا أولَ عينيّ
وآخرَ شفتيّ
وخاصرةً وُسطى توّاقةً
لشبقيّةِ الماءِ في الارتواء
منذُ قصيدتِكَ التي لم أكتبْ بعدُ ..
يهامسُني الوردُ :
أيَّتُها اليانعةُ كما طفولةٌ ضاحكةٌ
يتزاحمُ فيها الياسمينُ ،
أين أحاديثُ الهوى
التي تؤرِّخُ الذكرى
في الخافقِ والعيونِ ..!؟
أين امتدادُ الأبجديّةِ
على مقاسِكَ والشجون ..!؟
منذُ ميلادِكَ ..
وأنا أمتلئُ بكَ عمراً آخرَ
أبحثُ عن تاريخٍ يكتبُني
أفتِّشُ في فراغي
عن حاضرٍ يحتويني فيك َ
لأطبعَكَ بصمةً مشرقةً
في عينِ الشمسِ ..
حين خاصرتي ..
تتزاحمُ من أجلكَ الأمواجُ
في فستانيَ الليليِّ
عقودا وأساورَ وخلاخيل
أتيمّمُ بقبضةِ يديكَ
لأُتمَّ صلاتي
وأسكبَ على ساحل ِ الدهشةِ
عطشي وعباداتي
كيف تشاءُ ومتى شئتَ
يا روعةَ الاشياءِ أنتَ ..
وحين أنت .. يا نبضَ الوقت
أتوسّلُكَ .. دعني ازرعُكَ في دمي أكثرَ
أحصدُ المدى بعينيَّ العاشقتين
يا كلاً يملأُ كلّي
يا طيفاً يتنفّسُهُ ظلي ..
دعني أهمسُ لعطرِكَ ..
لثغرِكَ ..
لعُمرِكَ ..
أنا وقصيدتي والشوق ُ ثالثُنا
ندعوكَ لأنْ …
نطفئَ شمعة وخمسين
نحرقَ قُبلةً وحنين
حتى يغدوَ ميلادُكَ وردةً
تتمدّدُ في انحناءاتِ السّكّرِ
تهبُّ في وجهِكَ باسمةً لتقولَ لك :
كلُّ عامٍ وأنتَ ملاكي ومليكي ..!
…………………
سكرة القمر