*فصول المحبة*
فيصل البريهي
قد كان أخصبَ في الوجدانِ فانقرضا
كَوَمضِ برقٍ أتى في لحظةٍ ومضى
حُلمٌ كَدفءِ الربيعِ الطَّلقِ يبعثُ في
قلبي اخضرارَ الروابي كُلّما نَبَضا
تختالُ كُلُّ فصولِ الحُبّ فيهِ على
عمري الذي قد أحالتهُ المُنى حرَضا
هبَّت أعاصيرُ شوقي ملءَ أوردتي
كأنّها لم تجد غيرَ الفؤادِ فضا
أمضي إلى أينَ؟! من أين ابتدأتُ وفي
مسراي كلُّ طريقٍ لا يفي غرضا؟!
كلُّ المسافاتِ خاضتها خُطايَ على
آثارِ مَن خاضها قبلي ومَن ركَضا
جاوزتُ كلَّ دروبِ الحُبّ شائكةً
سعياً على كلِّ دربٍ طالَ أو عَرُضا
بي نحو كلِّ اتّجاهٍ ينتهي سَفَرٌ
جرَّعتُ فيهِ الأماني كأسَهُ مَضضا
ولو زَهَت ألفُ دُنيا ما ابتغيتُ سوى
عذبِ الهوى مَغنماً منها ولا عَرَضا
أغلى من الحب ما أهدى لنا قدَرٌ
هديّةً شاءَها المولى لنا وقضى
لم يُنكرِ الحبَّ قلبٌ وجهُ حجّتِهِ
في نبضِهِ ما تَحاشاها ولا دَحَضا
الحُبُّ كالشِّعرِ في الوجدانِ تجربةٌ
حتميَّةٌ…شاءَها الوجدانُ أو رفَضا
الحُبُّ أغلى من الدنيا وما حملَت
سِعراً..، وخيرُ الهوى ما سِعرُهُ بَهُضا
** ** **
مَن مُبلِغٌ قلبَ مَن أحببتُ أنَّ لها
غيماً وبرقاً بقلبي طالما ومَضَا
وكم تلتهُ رعودُ الآه تقصفُ في
صدرٍ إذا خالجَتهُ امتدَّ وانقبضا
لكنَّ حُبَّكِ عهدٌ فيهِ موثِقُهُ
لو قوَّضتهُ يدُ الأقدارِ ما انتقضا
ما زلتُ والحُبُّ يُجري ألفَ معركةٍ
في مهجتي كُلَّما أقعدتُهُ نهَضا
لكنّني بالهوى راضٍ وطِبتُ بهِ
نفساً ولو لم أشاهد فيهِ وجهَ رِضا
** ** **
يا مَن تعطَّرَ منها الحبُ مُقتبِساً
منها الشذى…واستمدَّ الطَّيبَ واقترضا
لمَّا تَعلّمتُ منكِ الحبَّ علَّمني
درساً تَفَقَّهَ فيهِ القلبُ مُفترِضاً
أنِّي وكلَّ مُحبٍّ لن نكونَ لهُ
أهلاً إلى أن يُحبَّ القلبُ مَن بَغَضا
** ** **
أعطيتُ للحبِّ عمري ما ابتغيتُ بهِ
منهُ سوى حبِّ مَن أحببتُها عُوَضا
لو كان في وسعِ قلبي رَدُّهُ قَدَراً
عنهُ لَرَدَّ يدَ الأقدارِ واعترضا
قُرباً بِداءٍ ولا بُعداً بعافيةٍ
فهل عَلِمتم صحيحاً يعشقُ المرَضا؟!
يمسي ويصبحُ فيهِ الضغطُ مُرتفِعاً
ولو تداوى بـ(ـسُمٍّ) رُبَّما انخفضا!!!
لا شيءَ غير الدُّجى أشكو إليهِ هوىً
مُسَهَّداً ما غفا يوماً ولا غَمَضا
أحببتُ حتّى كأنّي ما خُلِقتُ سوى
صَبٍّ عليهِ الهوى العُذريُّ قد فُرِضا
*********************************************
أ.فيصل البريهي
حينما تكتب تحشد للمحبة الفصول، فالنية أكبر من أن تدركها العقول ..
حرفك يوميء لنا برقة الإحساس المرهف أنه عندما يعطي أوامره فلا بدّ للمعنى أن يسترق السمع ليفوز بثقة الصور الجذلى المنبعثة من بين بهاء وزبرجد ،ومتدَلّهة بين فرائد العسجد ..
عندما يوميء الفيصل البريهي لليراع فإذن الكتابة قد سطرته محابر الدهشة ،واستُلِبَ من البيان وضاءته..
عندما يتمتم شاعرنا الأسمى” فيصل البريهي ” وِردَ فريضة الحُبّ فلاغرابة إن تحركت الطبيعة خارج هدوئها ،وأصبحت حالة الطقس خارج السيطرة على نطاق كونيّ؛ لذا :
هبّت أعاصير شوقي ملء أوردتي
كأنها لم تجد غير الفؤاد فضا
كيف لهُ أين يواجه عاتيات العواصف ؟
وأنّى لهُ أن يختلس القرار المناسب من بين سافيات أعتى المشاعر في لحظة مدتها مابين فتح الرمش وإغلاقه؟
لذلك صَعُبَ عليه تحديد الطريق الأنسب لمتغيرات الكون النفسية ،فأتى الاستفهام يأخذ
مسار التعجب :
أمضي إلى أين؟ من أين ابتدأت وفي
مسراي كلّ طريقٍ لايفي غرضا؟!
لم يعبأ بعدها وهو في لُجج النزال مع نفسِه ،فالبوح انتزعَ شأفة المداراة من شغاف الفؤاد ،وانزاحت غيوم الشجو الهاديء ،واتضح المراد ،فشقّ الطريق غير عابيء بالصعوبات التي تتصيده،فأناب إلى قلبه ،وحَذَم أمرَه، فاستبان لنا طريقه الذي صوّبَ سهامه نحوها ..
وتجَلّى الحبّ في إشراقات سبع عشرة إشراقة مابين وهجه صراحةبـ( الحبّ ) اثنتاعشرة مرة بعدد شهور السنة وهنا نوى الإقامة بين أفياء الحبّ ،
وبين اشتقاقات وضاءة حبه ( أحببت” مرتان” ،مُحِبّ،أحببتها،يُحِبّ)
لقد انتصر لحبه بعد تضحيات جِسام ،ومعارك ضاريات،وأمنيات عِذابٌ بالعذاب من أجل تحقيق ماثوى من خصب في تربة الوجدان ؛ ليلمع وميض حُلمٍ عبر فصول العمر في اتساق لاينقصه التواؤم،بل إن طوي المسافات لاتزال آثارها ظاهرة جليّة نحو أمانٍ تنزل أستارها نحو ماينشده من مغنم لايبالي مادفع به من مغرم :
لكنني بالهوى راضٍ وطِبتُ بهِ
نفساً ولو لم أشاهد فيه وجه رضا
يرضى بسفح دمِ حبّه على مقصلة النكران ،لكن يكفيه أن يكون خليقاً بأسبقيته في امتلاك حقوق الطبع
في قوله:
أحببتُ حتى كأني ماخُلِقتُ سوى
صَبٍّ عليه الهوى العذريّ قد فُرِضَا
⚡عبدالكريم الخياط ⚡