مجلة أقلام عربية ( لقاء ) للأديبة / جميلة عطوي_تونس

…….لقاء…….

على الرّتابة تمرّد هذا اليوم…منذ الصّباح الباكر كشّر في وجه السّاعة المتّكئة على الجدار…شمّر عن السّاق ، جاب ردهات النّفس ينفض عنها غبار الملل…يشرّع نوافذها فتداعبها صَبَا الصّباح الرّبيعي عليلة منعشة …تمادى يتمطّى ، يهمس لكلّ جارحة … يوقظها من غفوة لا إراديّة …لنجواه يستنفر السّمع وينفتح البصر …على هدهدته تركض الأحاسيس إلى ممرّت النّور …تنهل …تنهل …تتخفّف.

في الذّهن تُعدّ ُ مراسم ولادة جديدة …الرّوح على غير عادة، تنطّ هنا وهنا…تملأ أصيصا بالورد ، تنفض الظّلّ عن لوحة …تشاكس الضّياء المتسرّب من المنافذ ،تلبسه حدّ الطّيران.

على الجدار تتساءل السّاعة مشدوهة وهي التي ألفت أن لا يُنظر إليها …أن تعيش على نبض دقّاتها الثّقيلة تحدّد مصيرها اليومي…فجأة تصيبها العدوى فيسابق عقرب السّاعات عقربَي ْالدّقائق والثّواني بل هو في رؤيا الرّغبة يودّ أن يلتهمهما وينتصب منتصرا .

ها قد حان الموعد …يا لهذا الشّوق العارم يملأ الصّدر حنينا إلى الزّمن الجميل …إلى الشّباب والأخوّة …صحبة أعوام وألفة عشرة فعل فيها الزّمن فعله فخفّ نبضها وقد غشّت السّنون عنفوانها، بل سربلها الرّوتين حتّى كاد يخنقها.

غير أنّها الآن تعود وكأنّها لم تغب لحظة…أحضان ،عناق ودمع يغزو الأجفان فيزيدها جمالا ورقّة .ما أروعكنّ صديقاتي وعمري يمرح في ضجيجكنّ الماتع… ما أروعنا نكسر حلقات الزّمن فنعيشه كما نودّ …ما عاد يقدر علينا…روّضناه في هذه الأمسية الدّافئة وامتلكنا الزّمام. هاهو أمامنا مطيع ، يستجيب للنّداءويلبّي الطّلبات بل نراه يبتسم وقد أعدنا إليه عنفوانه.

ها هو بين أحضان الذّكرى يرتع في خفر ، يراقص السّنوات على إيقاع الاستحضارونحن معه نتمايل ، نصدح…أناشيد تتحدّى صولة الأيّام…ضحكات منها ينبلج الشّباب في أبهى صورة فيراقص البهجة اللّامعة في العيون…سعادة نفتكّها من براثن الرّتابة ، نرسمها بإبر من نار على جبين الحياة عبرة….نرتّل أهزوجة الإنسان الخالدة …أنا الإنسان روح تنهل من عظمة الملكوت…إحساس من فيض الواحد الأحد …عزم رغم الحتميّات يقاتل…أمل يروم كسر العجز رغم حصار الطّين .

تونس في 14 / 5 /2017

جميلة بلطي عطوي 

تونس

شاهد أيضاً

مُعاناه العِشرينيات

اما بعد …….! ولقد سبق، ماهو اقلُّ من الأشد،همًا وحُزنً قُلت؟ فيهِ احداً أحد، وإنك …

اترك تعليقاً