(بيان إلى أبي الأحرار الشاعرمحمدمحمودالزبيري)للشاعر : مسعود الشرعبي

#بيان_إلى_أبي_الأحرار_
الشاعر_محمد_محمود_الزبيري

أبتاهُ

أبثُّ إليكَ أشواقَ المدينةْ
وشهقتها.

وحرفاً في زوايا السِّجنِ
يلتقمُ الأسى يدَهُ
يصارعُ – في عيون الآهِ منتحباً – أنِيْنَهْ

وقافيةً كأياميْ حزينةْ
تبكي أمهً خرقا
ضربتْ بكلِِّ يدٍ معاولَها لتخترقَ السَّفينةْ

وتبكي حالةً ضنكا
وترسمُ واقعاً أبداً
يواري في ضلوع الليل مرتجفاً حنينه

تتمتمُ فرحةً ثكلى
تناجي الحبَّ ،
تنتحِبُ السكينة

تطبِّبُ مسرحاً باتت تمزِّقُهُ يدانْ

أسقِّي حَيْرَةَ الأسفلتِ
أقنعةَ الضبابِ الداكناتِ
طوابيرَ الغدِ المسلوبِ
زقَّاً من وعودْ

أحلِّقُ باحثاً عن ذانكَ الهدهدْ
وفي كبديْ مسامات الرجا تُرعِدْ
وفي كفَيِّ حشرجةُ المدادِ
تستجدي خيالاتي
وتعصر من معاناتي
لفاتنتي ورود

وفوق جبين مأساتي
ينام الودُّ
تنداح الرؤى حللاً
تراقصها الرعودْ

وزخات المنى تهمي
كلون الزهر
كانسياب الفجر
كالماضي
كتفتيحِ الخدود

وتصحبني تجاعيد الوفاء المصلوبِ
في شطآن معركة الحزن
وأصحو وفي عينيْ صُحَينُ من رمادْ

وفي الأخرى رسومٌ من هوانْ

أبتاه
يا أنسام صبح الحرية
وشهاب ماضينا التليد

أبتاه
يا فيض الوئام
وصورة الفجر الجديد

أبتاه
يا صفو الحياة
وهمَّة الحرِّ الوحيد

أبتاه
ياسفر القصيدة
في دهاليز الوريد

لا زال صوتك كائناً فينا
ولكن
لا مقام لكي نعود

أبتاه
يا قاموس حبِّ
غاب في زمنٍ حقود

أبتاه
ها نحن وقد كُسِرتْ قيودُ الذل
نصطحب القيود

فاليوم
ينقصنا لفهم مسيرة الأحرار
– يا أبتي –
خلاصة ترجمان

اليوم تزدحمُ الحشودُ بلا بصيرةْ

وتعود مسخرة الإمام على مدارسنا مغيرةْ

ويعود سيف الجهل
يسحبنا
ويجلدنا
ويربطنا بأوتاد الحظيرة

ويعود خوف الأمس منتصرا
ليقتطف الأمانْ

فاليوم قد خسرت أمانينا الرهان
فاليوم لا وقت هناك ولا مكان

يا صرخة الأحرار
أيَّةُ صرخةٍ…
هنا سجنٌ ومعتقلٌ
هنا موتٌ
هنا شعبٌ جماد

وأمامنا مطمور في جيب الفساد
يعبئ خصيتي قارونَ خيرات البلاد
والحال تغمره جلابيب السواد

والأنس لا أنس هناك
وقد غدت أفراحنا
في قبضة المنفى
يحاصرها الوبا
والهم يخنقها
إرباً تفتِّتُها أساطينُ الزمانْ

أراقب شرفة النصر المؤزر من خلالك
وأرقب ذلك الوادي الذي انبجست به من بعد جدبٍ
بئر زمزم
من خلالك
أنادي يوسف الصديق
يا أبتي كذلك
من خلالك

ألا يا أيها الصديقُ :
مازلنا مع سبعٍ عجاف
ومازال ألفي كاهنٍ فينا
وفينا ألف جلادٍ
وجنديِّ جبانْ

ففي ذات عزمٍ
خرجتم كالأسود معاً
وهانحن كأنعام بلا راعٍ يذود

خرجتم قادةً للنصر حيناً
وها نحن لكل هزيمةٍ شعواءَ
يا أبتيْ
نقود

خرجتم رافعين الصوت صوب الفجر
لكنَّا أردنا أن يطولَ الليلُ
فينا سرمداً وبلا حدود

أبتاه عاد الظلم ،
عاد القهرُ
عاد الجهلُ
والأعلامُ عادت من جديد

وهانحنُ بلا أنفٍ نعود
بلا لسانْ

الشاعر أ/ مسعود الشرعبي

شاهد أيضاً

– ذات شاعرة – / بقلم : عناية أخضر – لبنان

  الشِعرُ حَالةٌ لَطِيفة لاَ تَعترِف بِالكَثِيف .. ومَع ذلِك فَإنَّها تُؤثِّرُ فيهِ وَبِعُمُق .. …