وسام أبو حلتم
وسام أبو حلتم

رسائلُ إلى ملك الموت(2) / كتبت : وسام أبو حلتم – مجلة أقلام عربية

رسائلُ إلى ملك الموت (2)

تصدير:

كيف حالك يا صديقي، عدت إليكَ من جديد برسالة جديدة واعتراف بحقيقة أُخرى تلكَ الحقيقة التي كان عقلي يغضُّ البصر عنها عنْ وعي منهُ أوْ إِمعاناً في التَّغَابِي، فلابد لهُ أنْ ينضَجَ ويواجهَ ما يدورُ حولَهُ مِنْ زَيْفٍ وحقائق.

فهلاَّ جهَّزتَ صكَّ غُفْرانِي.

——————

إليكَ أيُّها المُدْرِكُ المتجاهل لكلِّ شيءٍ بعضَ أوجهِ هذه الحقيقة.

رغم تعَمُّقِي في عزلتِي وأخذِي لذاكَ المكانِ القصِّي البعيدِ عن أعينِ الناسِ الأبرارِ منهم والأشرار، عدتُ والعَوْدُ أحمدُ في نظرِ البعض، ففي الغيابِ أيقنْتُ أنَّهُ لابد من كسرِ قيودِ خلوةِ الانطواءِ المحيطةِ بِي والوُلُوجِ إلى العالمِ الآسرِ الجميلِ الذي يموتُ من أجلهِ مَنْ يموتُ تاركاً عقلَهُ وقلبه فيهِ وفي ملذَّاتِهِ.

لكنْ عَبثاً أيهَا الصديقُ، فلمْ أجدْ سِوَى بعضِ الأقنعةِ التي شوَّهَهَا شرْخُ الزَّيْفِ والنِّفاقِ، فبَدَتْ بعضُ الوجوهِ ظاهرةً لا تقوى على إخفاءِ نواياها ورِياءِ مشاعرها مهما ثَرْثَرَتْ بكلامٍ منمقٍ عنِ الحبِّ والتصوُّفِ والتَّسَامِي بالرغباتِ والأحلامِ وهَلُمَّ جرًّا.

ربما أصبحتُ أَدركُ بِبصيرتِي ما لا يدركهُ الكثيرون، فكُلِّي يقينٌ أن قلبي هو بوصَلتي وتأشيرةُ السفرِ إلى القلوبِ المحبَّةِ والأرواحِ المسالمةِ المطمئنةِ.

لم أعد أقرأُ أو أسمعُ من يتكلم أو من يرقصُ ويعزفُ فقطْ بلْ أصبحَتْ هالتي المحيطة بي تندمجُ بمحيطِي لتَنْتَقِيَ ما يلائمها ويأخذها إلى مكانٍ قصِيٍّ يملؤهُ الحبُّ والسَّلامُ دون مسمياتٍ لهذهِ العلاقاتِ أو دونَ تحديدٍ لجنسِ أو نوعِ ما يكمِّلُنِي أو يراقصُ روحِي.

مازال يا أيها الغريبُ القريبُ عندي أملٌ بل آمالٌ أن تبقى روحي محلقةً بهذا السلامِ الداخليِّ الذي أعيشهُ، وأن أبقى محافظةً على كل ما حمَّلْتُهُ في سفينةِ نجاتِي فيعصِمُنِي ربِّي من مدِّ الحياةِ وجَزْرِهَا وطوفانِ الحزنِ الذي يُغرِقُ كلَّ ما يقفُ في طريقِهِ.

وسام أبو حلتم

شاهد أيضاً

– ذات شاعرة – / بقلم : عناية أخضر – لبنان

  الشِعرُ حَالةٌ لَطِيفة لاَ تَعترِف بِالكَثِيف .. ومَع ذلِك فَإنَّها تُؤثِّرُ فيهِ وَبِعُمُق .. …