سَمَر الرُمَيمَة لمنارة الشرق : أقلام عربية صوتٌ للإبداع وأطمح أن تكون مجلة للوطن العربي وليس لليمن فقط / حاورها : صالح عبده إسماعيل الآنسي

الخميس 24 أغسطس 2017
_______________

شخصية نسائية يمنية قوية ، مثقفة وبارزة ، شاعرة وكاتبة مبدعة واعدة ، تربوية وناشطة ثقافيةوإجتماعية قديرة ، لمع نجمها خلال السنوات الثلاث الأخيرة،على كلٍ من المستويين اليمني والعربي ، بما سجلته من حضور واقعي قوي بالمشهد الأدبي والثقافي اليمني ، وفي مواقع التواصل الإجتماعي باليمن والعالم العربي، ، وبما حققته من نجاحات مشهودة على المستوى الشخصي والعام ، طموحة جداً ، وطموحها لا ينتهي سقفه عند حدٍ معين ، وذات عزيمة وإرادة صلبة لا تلين ، إنها إحدى حفيدات بلقيس ، ووجهٌ جديد من الوجوة المشرقة والمُشَرِّفة لليمن ولكل اليمنيين أمام الغير..إنها الأخت الأستاذة/

سمر عبدالقوي عبدالله الرميمة

مؤسسة ورئيسة تحرير مجلة أقلام عربية ، والتي كان لنا-في شبكة منارة الشرق للثقافة والإعلام-شرف إستضافتها ، وإجراء هذا الحوار التالي معها :

– من تكون سمر الرميمة ؟وما الخلفية التاريخية الأسرية ، والمؤثرات البيئية التي جعلت بوصلتها تتجه منذ وقت مبكر نحو الإهتمامات الأدبية والثقافية؟

* سمر الرميمة شاعرة من اليمن-محافظة تعز .. نشأت في أسرة تهتم بالعلم والتربية الدينية، جدها كان شاعراً وفقيهاً، ووالدها أيضاً يكتب الشعر ، بالإضافة إلى العلاقات الإجتماعية المفتوحة على العالم في حدود التقاليد والأعراف التي تحكم المجتمع ؛ لذلك أحبت القراءة منذ الصغر ، واكتشفت أن لها ميول شعرية ، ومع محاولاتها الأولى وجدت تشجيعاً واعياً من الأسرة ؛ فتفتحت عيناها على عالم الحق والخير والجمال .

– متى تملكتكِ حُرقة كتابة الشعر ، وتمكن يراعَكِ من نفث أول قصيدة ناجحة؟ وما هي الدوافع الذاتية والإبداعية التي تقف وراء كونكِ شاعرة إنشادية في المقام الأول؟

* حُرقة الكتابة تتملك صاحب الموهبة دائماً ؛ لأنها في هذه الحالة تشتغل على اللاوعي الموهوب فنياً ، وهو مصدر التعبير الجمالي في عملية خلق النص ؛ لذلك وجدتني أكتب النص أولاً على استحياءٍ وخوف ، كالذي يضع قدمه على أول الطريق ، ولما قرأ البعض نصوصي شجعني وأشاد بها ؛ كان هذا دافعاً للإستمرار والتجويد وكثرة القراءة ، حتي تمكنت من كتابة نصوص مكتملة ، في غضون تجربة شعرية ، تسعى إلي التحقق بشكلٍ كامل ، وكوني شاعرة إنشادية ؛ هذا نظراً للتربية الدينية الأولى ، وكذلك للتماهي مع الطبيعة التي تسكنني في مدينة تعز .

– ما هي العناصر الأساسية التي تتجاذبها وتتناوبها أغراض تناول قصائدك ؟ وهل لهموم وقضايا بنات جنسك من النساء حضور قوي فيها؟ ، وما الدلالة الرمزية التي يحملها عنوان ديوانك الأول ” ترانيم السمر” والذي هو الآن قيد الطبع؟

* ليست هناك عناصر محددة نفرضها على النص مسبقاً في تقديري، وإنما الفكرة تُلِّح على الشاعر ؛ فتخرج في صياغة شعرية ، ربما كانت ذاتية ، أو وطنية ، أو دينية وغير ذلك ، وفِي تقديري أيضاً أن تصنيف الشعر بحسب أفكاره ؛ يضر به ، ويصبح صناعة قد تفقد جودتها ؛ لذلك فالقصيدة تشبه حالة الجنين في أطوار تكوينه ، فلا نستطيع أن نحدد جنسه قبل اكتمال عملية خلقه ، وأعتقد أن الشاعرة الأنثى يغلب عليها الإهتمام بقضايا بنات جنسها ، وفق الغريزة التي رسخت فيها ؛ لكنه لا يكون الإهتمام الأول ؛ بل هناك الوطن ، ومفردات العالم الأخرى ، التي تفرض وجودها أيضاً على النص الإبداعي ، والدلالة الرمزية لإسم ديواني “ترانيمُ السَّمَر” تعود إلى ربط الشعر بالذات ، من حيث الجمال في الترانيم ، التي أشدو بها شعراً في أوقات السمر ، ومن سمر التي تنتج هذه الترانيم ، وهي رسالة تحمل قيماً جمالية وأخلاقية في آنٍ واحد ، حتى نفتح الجمال على العالم ، والترانيم تحمل معنى الإختلاف أيضاً ، فقد تكون ترانيم فرح ، وقد تكون ترانيم حزن ؛ لكنها في النهاية مقياس لتقلبات الذات ، ومعطيات الجمال في الحياة والقصيدة معاً.

– عملكِ بالتدريس والإدارة التربوية ، وفي النشاط الإجتماعي والإهتمام بالطفولة والمواهب ، والتي لكِ في كلٍ منها رصيد كبير ومؤثر ؛ كيف ساهمت كلها-بعناصرها وتفاصيلها الواقعية-في إثراء تجربتك الحياتية ، وفي تلوين كتاباتك الإبداعية الشعرية؟

* العملُ بالتدريس مُدهِشٌ جداً ، وهو عملٌ محببٌ لقلبي ، وأمارسهُ بمتعةٍ كبيرة وابتكار ، لأنه عملٌ يقومُ على بناء الذات البشرية فكرياً وجمالياً ، وهذا يتطلب حضور الوعي مع الجمال دائماً ، ولا شك أن للمهنة أثر على الإنتاج الإبداعي ؛ لأنها نشاط لا ينفصل عن التكوين ؛ لذلك فإن عملية التدريس تؤثر في الميل الي بساطة اللغة وعمق الصورة ، والعمل مع الطفولة يجعل للبراءة حضور دائم في النص ، وقد تأتي القصيدة من وجه طفلة جميلة ، أو إبتسامة بريئة لطفل ، في عالم يغلب عليه القبح .

– لعل أبرز منعطفات التطور في مشوار نجاحك الأدبي تمثلت أولاً في حصولك على جائزة الأمم المتحدة للإبداع في اليمن عن قصيدتك وطن السلام ، ثم تأهُل مشاركتك للطبع في “الديوان العمري” ، وضمكِ لديوان “الشعراء الألف” الذي سوف يصدر قريباً عن نخبة الشعراء العرب ، وفوزك في الكثير من المسابقات والسجالات ، وتلقيكِ الكثير من شهادات التقدير والتكريم ، فما الذي يمثلهُ ويعنيهِ لكِ كل ذلك؟

* كل التكريمات التي تحدثت عنها..نوعٌ من إثبات الحضور الإبداعي على الساحة الأدبية ، وتأكيد علي أني أقطعُ أشواطاً صحيحة في مشوار الشعر ، وسيظل طموحي بعون الله أعلى من ذلك أيضاً ، وهو أن تتحقق “سمر الشاعرة” على خارطة الشعر في الوطن العربي ، ويصبح لها صوتها الشعري المميز ، وهذا يحتاج إلي صبر وتطوير دائم في التجربة الشعرية ، وتدعيم الخطاب الشعري بالمخزون المعرفي في كل الاتجاهات ؛ لذلك أنا دائمة القراءة ؛ لأنها هي النبعُ الذي يجعل التجربة الشعرية لا تتوقف عند خطابٍ واحد ؛ وإنما تتجدد بإستمرار .

– لكِ أغنيتين من كلماتك ستصدران قريباً عبر إذاعة جراند ، هلا حدثتينا عنهما ؟

* لي مجموعة أغاني باللغة العامية،أداها الفنان الكبير عبد الباسط عبسي ، بألحانه العذبة وصوته الشجي ، وأيضاً الفنان المبدع سمير الفقيه ، والفنان المبدع عدي محمود ، وهي عبارة عن كلمات للأم والوطن والنبي ، وأيضاً بعضها وجدانية.

– مجلة “أقلام عربية ” التي أسستها وترأسين تحريرها ، وموقعها الإلكتروني على الشبكة ، ومنتداها بالفيس ؛ كيف ولدت فكرتها الطموحة لديكِ؟وما هي الأهداف منها ، والغايات القريبة المرسومة لها ؟ وما الذي تطمحين أن تصل إليه على مدى المستقبل الآتي البعيد؟

* تم تأسيس المجلة-بداية-كمدونة إلكترونية ، تقوم بتوثيق إبداعات الشعراء والأدباء العرب ، وبفضل الله كسبت ثقة كثير من الأقلام ، التي لها حضور كبير ومميز ، ونظراً للظروف العاصفة التي تمر بها بلادنا على وجه الخصوص ، والوطن العربي بشكلٍ عام ، وبسبب ضبابية المشهد الثقافي ؛ أدركت أن ” أقلام عربية ” تستطيع أن تجمع إبداعات الشعراء والأدباء ، وتصبها في بوتقةٍ واحدة ، وأن تجمعهم جميعاً على طاولة الأدب ، وأن تتيح الفرصة أمام الشباب المبدع في مختلف المجالات الأدبية والفنية ، ولله الحمد ؛ فقد تم الآن إصدار العدد العاشر وهو في أبهى حُلَّة ، الهدف منها..هو نشر الوعي الثقافي ، ووجود ذلك التلاقح الثقافي والإبداعي بين مختلف الأجيال ، كما تمثل صوتاً مهماً للابداع والفكر والثقافة ، وبخاصة أمام ما يمر به الوطن من أزمات ، وأطمح إلى أن تكون مجلة عربية تتسع للوطن العربي كله ، وليس لليمن فقط ، علي غرار المجلات العربية الكبرى.

– ما الذي يمثلهُ الوطن وحب الوطن لسمر الرميمة؟ و ما نسبة حضور الوطن في نتاجك الأدبي؟

* الوطن..هو التراب الذي خلقنا منه وفيه نعيش ، وعليه نموت وفيه ندفن ؛ لذلك الوطن قٌدَّ من بدن ” سمر الرميمة” ويظل سيد روحها وتاج قصيدتها ، ونبراس ذاتها وزهرة عينيها ، الوطن نسافر فيه؛ فيسكننا أكثر ، وحين نتباعد عنه ؛ فإننا نسافر فيه .

– ماذا عن تجربتك مع النشر الأدبي الإلكتروني ، والتلاقي الثقافي بالعالم الإفتراضي على مواقع التواصل؟ وماهي محاسن ومساوئ هذا النوع من النشر الذي فرض علينا برأيك؟

* النشر الإليكتروني صار العالم الأهم ؛ لأنه المتنفس الحر الوحيد ، فأنت تكتب ماشئت لمن شئت ، وفِي أي وقتٍ تشاء ، وبحرية ، لكنه يبقي في النهاية ليس مقياساً حقيقاً لتقييم التجربة الإبداعية ؛ لأنه سيظل عالماً إفتراضياً ، ولكنه بديل عن القصور الذي يشوب الوطن العربي في استيعاب إنتاج مبدعيه ومثقفيه ، في عددٍ قليلٍ من الإصدارات ، التي تهتم بالشأن الثقافي والأدبي ، ومن محاسنه أنه يحقق الوجود الإبداعي ، ومن مساوئه أنه يجعل الكاتب خلف ستار ، كما أن حرية النشر فيه -دون ضوابط منهجية-جعل الكثير يتوهم أن ما يكتبه إبداع ، وهو لا علاقة له بالإبداع .

– قرأت لكِ يوماً هذه الدعوة الضمنية على الفيس : “طوبى لكل قلم لم يحرض على سفك الدماء وفرقة الصف ، بل كان حبره نابضاً بالإنسانية ، وداعياً للحب والسلام والتعايش”..فما الذي يجب أن تكون عليه الرسالة السامية للأدب من وجهة نظرك ، وما الواجب الملقى على عواتق الشعراء والشواعر في زمنِ كلٍ من السِلمِ والحرب؟

* أعتقد أن الأدب في حد ذاته رسالة سامية ، وإذا لم يكن كذلك ؛ فهو لا يُسمَّى أدباً ؛ لأنه يحمل من المعطيات الفنية ما يحيل قبح العالم إلى جمال ، والأدب منوطٌ بهِ تربية الذوق والجمال ، وتأكيد قيم الحق والخير ، وفِي وضعٍ كوضعنا هذا لابد أن يسهم الأدب في تهيئة النفوس لإستقبال السلام وقبول الآخر ، وهذا يذكرني بقول المتنبي :
ومن يكُ ذَا فمٍ مرٍ مريضٍ
يجد مُرَّاً بهِ الماءَ الزلالا

فالأدب هو أسمى قيمة ؛ بما يحمل من معانٍ جميلة وقيم نبيلة ؛ ولذلك قيل إن الشاعر نصف نبي .

– قرأتُ لكِ-أيضاً-على يومياتِك بالفيس هذه العبارة : ” في كل مكان عش عالمك الخاص ، أكتب ماتحب وكن ماتريد ، إعجاب الآخرين بك لايساوي شيئاً ؛ إن لم تعجب أنت بنفسك” ؛ فما هي نصيحتك التي تودين أن توجهينها للناشئين من الشعراء والشواعر بهذا الخصوص؟

* للناشئين من الشعراء أقول انطلقوا في تحقيق موهبتكم الشعرية،ولا تكتبوا إلا ما تؤمنون به ، ولتكن لديكم قناعة به ، في التعبير عن ذواتكم والعالم ، واعلموا أن الموهبة لا تنفصل عن القراءة الدائمة ، ليس في الشعر فقط ؛ بل في كل معطيات المعرفة ، حتى ينفتح لكم العالم ، وتتفتح علي أيديكم التجارب الشعرية المهمة ، التي تؤسس لإنطلاقات شعرية مختلفة ، ولا تلبسوا رداءَ أحد من الشعراء بشكلٍ كامل ؛ لأنكم سوف تكونون النسخة الباهتة منه ، فكونوا أنفسكم ؛ يصلح لكم طريق الشعر والتعبير الحقيقي عن ذواتكم..

– ختاماً يطيب لنا في قطاع الأدب والثقافة بشبكة منارة الشرق للثقافة والإعلام أن نتوجه بالشكر الجزيل لكِ -سمر الرميمة-على إتاحتكِ الفرصة لنا لإجراء هذا الحوار المثمر والبناء معك ، سعدنا كثيراً وتشرفنا بإستضافتك.

* جزيل الشكر لك أخي على هذه الإستضافة ، ولشبكة منارة الشرق للثقافة والإعلام الشكر وأسمى الأمنيات بدوام النجاح ؛ وهي تقوم بدورها الحقيقي والهادف في سبيل الإرتقاء بالمشهد الثقافي العربي والمثقف العربي.

شاهد أيضاً

شعر الوداد وشعر الغزل

شعر الوداد وشعر الغزل الطبيب نوري سراج الوائلي نيويورك   الشعرُ قلبُ اللغةِ، تقوده ويقودها، …

اترك تعليقاً