فِكرَةٌ …/ شعر : عبد الوهاب محمد الديلمي

 

تَدُورُ بِرَأسِي مِنَ الشِّعـــرِ فِكـــرَةْ 
لها كالأَبَالِيسِ في السِّحــرِ خِبـرَةْ

تَعَجَّبتُ منـهــا تَفَكَّــــرتُ فيـهـــا 
تَعَـوَّذتُ باللــــهِ سَبعَــاً وعَشْـــرَةْ

ومِــنْ بعــدِ مَـــدٍّ وجَـــزرٍ عَنِيــفٍ 
ورَفـــعٍ لِفِعــلِ جُنُــونِي بِكَســـرَةْ

تَخَلَّصتُ منـهــا وقــــد خَنَـقَتـنِي 
كَأنِّي تَنَفَّستُ مِــنْ ثُقبِ إِبْـــــــرَةْ

هُنَا تحتَ صــدرِي هُمُـــومُ أَدِيبٍ 
قَضَى أَلــفَ عـــــامٍ يُخَبِّئُ سِــرَّهْ

وصندوقُ وضَــاحِ مَاعـادَ يُجــدِي 
وقد حَانَ أنْ أكشفَ اليومَ سِتـرَهْ

فَــلا تَعـذُلُـــونِي ولا تَسألُـــــوني 
كذَا حَاجَــةُ المَــرءِ للنَّـاسِ مُـــرَّةْ

دَعُـــونِي أُنَـفِّسُ عَـمَّـــــا بصَدرِي 
وَرَبِّي يُدَبِّــرُ في الخلـــقِ أمــــرَهْ

هُنَا فِتنَــةٌ تخـدعُ العقـــلَ جَبــرَاً 
وتَتــرُكُ في القلبِ هَمَّــاً وحَسـرَةْ

هُنَا جيشُ يَأجُــوجِ يَحفُــرُ قَبـــرَاً 
مِنَ الجُـوعِ يَـدخُلُـهُ الحَيُّ مُكْــرَهْ

هُنَا سِحــرُ هَارُوتَ يَخــدَعُ شَعبَـاً 
وينفُثُ مَارُوتُ في القَومِ سِحـرَهْ

هُنَـــا يَخــــدَعُ الأغبيــــاءُ أُلُوفَــاً 
كَمَا يَثمَلُ البعضُ مِنْ دُونِ خَمـرَةْ

هُنَــا أبتَـدِي دَفــنَ بعضِ المَـآسِي 
وأنشـدُ جُرحَــاً مـــعَ كُـلِّ فَقــــرَةْ

وأرســـمُ للروحِ بيــــنَ الأمَــــاني 
سَبيـــــلَ نَجَـــــاةٍ يُسَهِّــــلُ دَورَهْ

وأحفُـــرُ لليـــأسِ بالعــــزمِ قبــرَاً 
وأُغِلــقُ لَحـــدَ المَـــآسِي بِشُفــرَةْ

وأَزرَعُ بالشِّعـــرِ حَقـــلَ القَــوَافِي 
لِتُـنبِتَ في القَـلبِ أَوَّلُ بِــــــــذرَةْ

أُصَـــدِّقُ ماقِيــــلَ في الحُبِّ لَكنْ 
غَدَا المَوتُ كَالحُبِّ وَصفَاً وشُهرَةْ

كَمَا قِيلَ في الحُبِّ فالمَوتُ أيضَاً 
يَصِيــــرُ زُؤَامَـــاً بِـأَوَّلِ نَظـــــــرَةْ

فَيَــبـعَثُ بِالآهِ صَمتَـــاً غَبِــيَّـــــاً 
ويَغـدُو سُكُــونُ الأَحَاسِيسِ ثَورَةْ

ويَنهَمِــرُ الشِّعــــرُ شَـــــلَّالَ نَــــارٍ 
ونُـورٍ…. كَــذَا أَوَّلُ الغَيثِ قَطـــرَةْ

هُنَـا لَــوعَتِي تَتَحَـاشَى خِصَـامِي 
وتَنقُــرُ في جَرَسِ الحَـرفِ نَقــرَةْ

إلى عَالَـــمٍ مِــنْ رَمَــــادٍ سَأُفضِي 
بِمَكنُـــونِ صَدرِي ثَلاثِيـــنَ مَـــرَّةْ

عسى يُشعِــلُ البَـوحُ فيهِ شُعُـورَاً 
كَمَا تُشعَـلُ النَّـارُ مِنْ وَهْـجِ جَمرَةْ

أنا يا دِيَـــــارَ الأمَـــــانِي بَعِيـــــدٌ 
غَــرِيبٌ وَحِيـــدٌ حَبِيسٌ بِحُفـــرَةْ

تُحَاصِـــرُنِي أَبحُــــرُ مِنْ فَـــــرَاغٍ 
تُقَيِّــدُ في اليَـأسِ رُوحِي بِشَعـرَةْ

ولِلجَهــلِ والحُمْــقِ مُلــكٌ بَلِيــــدٌ 
تَنَــامَى على هــذه الأرضِ طَفـرَةْ

يَرَى البَـوحَ بالشِّعـــرِ كُفرَاً بَوَاحَــاً 
وصَــوتَ الأديبِ حَرَامَــاً وعَــورَةْ

إلى حَضـرَةِ الجُوعِ أزكَى سَلَامِي 
مَــعِ كَفِّ طِفــلٍ يُخَبِّئُ كِســـــــرَةْ

كَبُــرنَا على الأُمنِيَــــاتِ كَثِيـــــرَاً 
وصَـارَتْ لنا في التَّعَاسَــةِ خِبــرَةْ

وأضحَى لنا الجُــرحُ ثَـوبَـاً عَتِيقَـاً 
يُفَصَّـلُ لِلكُلِّ مِــنْ غَيـرِ (نِمـــــرَةْ)

وضَــاعَ الذي ضَـاعَ مِنَّـا فَسُحقَــاً 
لِمَـنْ عـــادَ باليـومِ يَحسِبُ عُمـرَهْ

ومَنْ ظَنَّ أنْ يزرعَ الشــوكَ كَيمَــا 
يرَى ثَمَرَ الشوكِ في الحقلِ زَهـرَةْ

  • ملاحظة: للقصيدة بقية

  •  عبدالوهاب محمد الديلمي

شاهد أيضاً

قصيدة للجزائر

  1 أتيتُ  إليكم  بقصيدةِ  حبِّ مسومة  للخلــــــــودِ  بقلبِي على مسمعٍ من عدوٍ أنـــادي تعالوا …