(هَرِمنَا)/ شعر : فضل الفلاحي

 

شَــبِـيـبَـتُنـا تَـغَـشَّــاهـا الأُفُـولُ
ومِـن غَـربٍ لَهـا سَطَعَ الرَّحِـيـلُ

ومِـن ضَـنَكِ الحَـيـاةِ قُـبَـيلَ آنٍ
هرِمنا وانقَضَـى العُـمُرُ الجمِيـلُ

تَنَـكَّــسَ خَـلـقُـنـا بـبُـلوغِ رُشــدٍ
فـكَـيـفَ لـوِ الـزمانُ بِـنـا يـطولُ

وبَاتَ العَظمُ في وَهَنٍ وصَارَت
مِن الـتَعَـبِ الـظُـهُورُ لَـنـا تَمِـيلُ

وأفــئِــدةٌ بِـنـارِ الـقَـهـرِ تُـكــوَى
ودَمـعُ الـعَـينِ مِن حَزَنٍ يَـسِـيلُ

فَكَـم نُـحنـا على عُمُـرٍ أضَـعـنـا 
ولَـم يُـجـدِ البُـكـاءُ ولا الـعَـوِيلُ

لِـمـا فِـيـهِ الـمَـضَـرَّةُ دُونَ نَــفـعٍ
يَـهُـدُّ مُـــتُـونَـنـا حِـمـلٌ ثَــقِـيـلُ

حُــفـاةً بـينَ أشــواكٍ مَـشَــيـنـا
ومـا مَـعَـنـا بِـغَــالٌ أو خُــيُــولُ

نَـهِـــيـمُ بـغَــفـلـةٍ فـي كُــلِّ وادٍ
ولـيـسَ لـنـا بِـرِحــلَـتِـنـا دلــيـلُ

مَشَـينا كالسَّـلاحِفِ بالصَّـحاري
نَـسِـــيـنـا أنَــهُ سَــفَــرٌ طَــوِيـلُ

وحَـرُّ الشَّـمسِ أفــقَـدَنـا قُـوانا
وعَــثَّرَ سَــيـرَنـا رَمــلٌ مَــهِـيـلُ

ولم نرَ في الطَّريقِ عُيونَ مَـاءٍ
وعَـنَّـا كَم نَأى الـظِـلُّ الظَـلِـيـلُ

سَـلَـكنـا الدَربَ مِـن تـيـهٍ لِتـيـهٍ
ولَـم نـعلَـم إلـى أيـنَ الـوصـولُ

تَشَـتَّـتَ شَـمـلُـنا وطَـغَت عَلَـينا
هُـــمُــومٌ مُــثــقَــلاتٌ لا تَــزولُ

يُجَـهِّـزُ بَـعـضُـنـا أقــوَى عَـتَـادٍ
لِقَتلِ البَعضِ كَي يحيا الدخيلُ

ضَـرَبنـا الذِّكرَ صفحًا عن عِدانا
وَفـيمَـا بَيـنـنا اشـتَعَـلَ الفَـتِيـلُ

فَـكَـم ذُقـنا المَـذَلَّـةَ في حِـمانا
وَكَـم دُقَّـت لِـمَصـرَعِنـا طُـبُـولُ

وُحُوشُ الأرضِ تَشربُ مِن دِمانا
لِيُشفَى في الصُّدُورِ لَهَا الغَلِـيلُ

بِـنـارِ الـفُــرسِ يُـحـرِقُـنـا تَـتَـارٌ
بِسَـيفِ الـرُومِ يَـنـحَرُنـا مَـغُـولُ

بِعَونِ جُيُوشِـنا الخِنزِيرُ أمسَـى
يصُـولُ بـقُدسِـنا وبـهـا يـجُـولُ

صَـــهَـاينـةٌ لَـواقِــطُ داهَـمُـوهَـا
لـتَـجرِفَ أَرضَـها مِـنهـم سُـيولُ

بلادُ العُربِ أضحت ساحَ حربٍ
ولـكِــنَّ الـمُــقِــيـمَ بِـهــا ذَلِــيـلُ

لـهُ سَـــيـفٌ بلا حَـــدٍّ كَـــعُــودٍ
وَمِـن صَـدَإٍ بِـهِ فُـقِـدَ الصَّـلِـيـلُ

تَـطَـاوَلَ قِـردُ أمـرِيـكَـا عَـلَـيـنـا
ولَـيـسَ لَـهُ عَـلـى فَـردٍ سَـبِـيـلُ

ولَـــكِـنَّ الـعَــبِــيـدَ لــهُ أبَـاحُــوا
حِـمَانَا واسـتَسَـاغُوا مَـا يَـقُـولُ

تَرَبَّـعَ في العُـرُوشِ مُـنَافِـقُـونَـا
وشُـــرِّدَ صَــالِـحٌ حُـــرٌ أَصِـــِيـلُ

جَحِيمًا أصبَحَـت جَـنَّاتُ أَرضي
وَوَحـلًا صَـارَ فِيـها السَـلسَـبِيـلُ

غَدَت فِيـها الحَدَائقُ مِـثلَ بِيـدٍ
تَـغَـطَّـت بالـرِمَـالِ بِها النَّـخِـيلُ

عَـلـينـا أَعـثَرُ الـعَـثـراتِ تَـهـوِي
ولَيـسَ سِـوى الإلـهِ لـهـا يُـقِـيلُ

فَـيـا رب العِــبَـادِ إلَـيــكَ لُــذنَـا
بِدونِـكَ كُـلُّ شَـيءٍ مُـسـتَحِيـلُ

أَقِـل عَــثَـراتِـنـَا وامـنُـن عَـلَـينَـا
بِـلُـطـفِـكَ ربَّــنـا أنـتَ الـوكِــيلُ

  • شعر : فضل الفلاحي  10. 04. 2019. م

شاهد أيضاً

قصيدة للجزائر

  1 أتيتُ  إليكم  بقصيدةِ  حبِّ مسومة  للخلــــــــودِ  بقلبِي على مسمعٍ من عدوٍ أنـــادي تعالوا …