على باب السّماء / الشاعر حسن منصور
ياسين عرعار ( أبو سجى )
2 أبريل, 2019
شعر
386 زيارة
على عَـتَـباتِ بَـيـتِـكَ جـئْـتُ أجْـثـو
رَجَـوتُ، فَـهـلْ يُخَــيَّـبُ لِي رَجـاء
أنــا واللهِ مـا اعْــتـدْتُ الـتّــرَجّـــي
ولا طَـــبْـعـي الــتّـذَلُّــلُ والــبُـكاءُ
ولــكـــنّي أتَـيــتُـــكَ بـعـــدَ يــــأْسٍ
ومِــنْ هَــمّي يَضـيـقُ بِيَ الفَــضاء
رَمـانِي الْخـوفُ والْجـوعُ ابْـتـلانِي
فــمـا الــباقِي لِيــكْـتَـمــلَ الـبَـــلاء؟!
جَـباناً عِـشْـتُ يَـنْـهَــشُـني عَــدوّي
بِـمِـخْــلــبِـه ويَـفـــعــلُ مــا يَـشـاء
ولَقّـــنَـني الْخُـضـوعَ كِــبارُ قـوْمي
رجــالٌ هُـــمْ عـــلـيَّ الأوْصِــيـاء
وكانَ عـليَّ أن أُبْـدي خُـــضوعـي
كأنَّ بِــذاكَ قـــد حَـــكــمَ القَــضــاء
عَــدوّي بـاتَ يَعــرِفُــني ضَعــيـفاً
ويعـــرفُ كـــيـفَ ربّـانِـي الـــوَلاء
ويعــرفُ كـيفَ يَقْـمَعُـني (إِمامي)
إذا مــا لاحَ فــي رأْيي اصْـطِــفــاء
عَــلــيَّ بـأنْ أُسَــــبِّــحَــهُ دوامــــاً
لِيُـقْــنِـعَـهُ سُــجــودي والــدُّعـــــاء
وأنّي أحْـفــظَ الكلِــمـاتِ حِــفْـــظــاً
لــكيْ أحْـــظى بِــأنّي بــبَّــغـــــــاء!
وأنّي لـسْـتُ مُــبْـتـدِعــــاً لِـقَــــوْلٍ
ولا نـقْــــدٍ ولا عِـــــنـدي مِــــراء
فَـيَـتـرُكَني أُفـتِّــشُ عــن رَغــيـفٍ
أطــــــارِدُهُ إذا بَـــزَغَ الـضّــيــاء
ولـكِــنّي رَغــــــيــفي مُسـْــتَـديــرٌ
فَــأُبْـصِــرُهُ يُـدَحْـــرجُـــهُ الْمَـســاء
رَغــيفي كالإِطارِ مَـضى حَـثـيـثـاً
فَــلا نَصَـبٌ يُـعــــيـقُ ولا عَـــــيـاء
ألا مِــنْ أيـنَ لــي جِــســمٌ قَـــويٌّ
وخَـــطــــوٌ ثـابِــتٌ فــيـه اسْـــتِـواء
فصَـيْدُ الْخُــبْزِ يُغْـريـني ِلأَجْـري
كَـمــا قــد أغْــرتِ الأُسْــدَ الظّــــباءُ
تَعـــبَّـدَنِي على رُغْــمي رَغـيفٌ
أنــا عَـــــبْــدٌ ولـيـــسَ لَـــه جَــــــداء
وكِــدْتُ أَمـوتُ مِـنْ كَــمَـدٍ وهَـــمٍّ
لأنّ الــيـــأسَ فــي الأضْـــلاعِ داءُ
ولكـــنّي لَمَـحْــتُ وَمــيـضَ نَجْــمٍ
عَــلى لُـجَـــجِ الظّــلامِ لــه سَــــناء
فَـطِــرْتُ إلـيــهِ مـلْـهــوفـاً لَـعــلّي
أرى نـوراً بـــه قـــد يُــسْــتَــضــاء
فــمـا أبْصَـرْتُ إلاّ فَــيْـضَ نـــورٍ
بــهِ قــطَـــراتُ مــــــاءٍ أوْ دِمـــــاء
تَـخَـضَّـبـتِ النُّجـومُ فـقـلتُ: ماذا؟
فـقــالتْ: نَحــنُ في عُـــرْسٍ نِســـاء
فقـلـتُ: ومَــنْ عـريسُ الْـمَـجــدِ هـذا الـذي خَـفّــتْ لِـمَــقْــدَمِـهِ السَّــمـاء؟!
فـقالتْ: كـيفَ تسألُ عـن حَـبـيـبٍ
عـلى الأرْضـيـنَ لـيْـسَ لــه كِـفـاء؟
شَـهــيدٌ جــاءَ يَحْــمِـلــهُ جَــنــاحٌ
مِـــنَ الأنْــوارِ يَسْــبِـقُــهُ احْــــتِـفـــاء
ونَحــنُ لهُ عـرائِـسُ ســـاهِـــراتٌ
لــهُ فـــيـنـا انْـتِــســابٌ وانْـتِـمـــــاء
وأمّـا أنـتَ فَـارْجِــعْ عَــنْ سَــمـانا
فَـمـــثْـلُـــكَ لـيسَ يُـمْــكِـــنُهُ ارتِـقــاء.
فـعُـدْتُ أزورُ بـيْـتـكَ مــن جَــديدٍ
لـعـــــلَّ بـــه يـكـــونُ لِــيَ الــــدَّواء
فَـيُــشْفي الـنّـفــسَ مِـنْ يـأْسٍ وجُـبْــنٍ
وشَــــكٍّ عــاشَـهُ قـــلــبٌ هَــــــواء
فـقُـلْ لِي كـيْـفَ تَـقـتَـحِـمُ الْمَـنـايـا
وهَــلْ فـيها لِـمَـنْ صَـدِيَ ارْتِـــــواء؟
سَمعْتُ جوابَ روحِكَ في الأَعالِي
نعـــمْ! فـيـهـا عَــنِ الــدُّنْـيـا غَــــنـاء
كَـفــاكَ بِـأنْ تُـغـــادِرَها عَــزيـزاً
إِلى دارٍ يَــــدومُ بِـهـــــا الـبَــقـــــــاء.
**********************
-
الشاعر حسن منصور
من المجموعة التاسعة، ديوان (في دائرة المعنى) ط2 – دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع – 2014م- ص65