قصيدة بعنوان  وطني وزوبعة الجاهلية 

قصيدة بعنوان

وطني وزوبعة الجاهلية

بقلم شيرزاد كمال

 

اوراقي… مقبرتي و محرقتي

ففي كل مرة تدفنني و تحرِقني مع كلماتي

يا وطني ويا توأمي

لا يوجد اختلاف فيما بيننا

فمنذ ولادتنا دخلنا سن اليأس والشيخوخة

وأصبحنا وليمة لأهل الرايات

وقصائد عنترية…

يا وطني

لقد صنعوك من ورق…

و طرّزوا ملامحك على ورق

يا وطني

الورق عقدة أزلية تطاردك

و أنت تعرف معدني

كيفما نريد نلعب بالورق

نحبك على الورق

نكرهك على الورق،

يسجنوننا ويهجِّرونا

نُحاكم بالموت بيد الاغبياء بحبر على الورق

فكيف لا اخاف وأنا اقرأك… اكتبك على الورق

فأنت محاصر بين أنياب الوراثة والرئاسة

والخلافة ومرهون بين الحبر و الورق

فكيف يكفيك ريشه وحبر

وزائرك بالروح يفتدي

والشعب في المضاجع بين الحمى والأرق…

يا وطني

ما الذي فعله الساذجون

تركوك بين أيدي الاغبياء واللصوص

و أنت يا وطني كالمراهق شهواني…

تعاند العطر والحب أمام العبثية

الجميع يزحف بيدين

بمخالب وأنياب حديدية

الجميع يسرقون ملامحك

و يغازلون شفتيك

و يغتالونك بحبر على الورق

و لا أحد يشيع جنازتك و يحزن عليك

و يكتفون بتبادل التهم

لأنك مجرد حبر على الورق…

يا وطني

تحجرت قصائدي الثائرة في حنجرتي

واختفت ذكريات الطفولة مع أسراب الجراد

وتوابيت جراحك تنزف بين الصفحات أخبارا جديدة

يا وطني

بقي لي شارعا يحمل اسمك

وقبر طري… مطلي بطيفك

وذكريات تجرف بي نحو المنحدرات

ومنابر تلهث باسمك بأفكار ومعتقدات وهمية

وتاريخاً يدينونك فيه

وثيابك مبللة بمستنقعات الماضي ببراثن سياسية

وأنت بأطراف و أصابع مبتورة

كأنها معالم أثرية…

يا وطني

إنهم يبررون على أن ماضيك مرحلة من مراحل تعلم النطق

وهذه تجربتك الأولى

والآن فلتتعلم الصمت لوحدك

فلا أحد يريد أن يستمع اليك

واخصوك لكي لا تأتينا بوطن جديد

فأنت بين عدوى الثورة و النضال هجين…

يا وطني

ما الذي فعله الساذجون

تركوك وذهبوا في خلوتهم

لعلهم يكسبون قطعة خبز من لحن البحر ومن قصص خيالية

تركوك

لكي يعانقوا المآذن… يتضرعون ويبكون

ويستنجدوا السماء

وقبور الأولياء ومآتم حسينية

علها تمدهم خبزاً…

وترزقهم أطفال…وأثداء طرية

فنحن أهل الشرق

في بلاد الأنبياء المكدسة

بسطاء

ضعفاء

لدرجة أننا نؤمن بأن كل شيء قضاء وقدر

والاغبياء يتسلون بالحشيش

يملؤون بطونهم بالبترول والافيون… قضاء وقدر

ويتاجرون بالحشيش ويسرقون البترول ويبترون القمر

يا وطني

نحن بسطاء ساذجون

أورثنا الوزير وصية

يعلمنا طريقة وفنون الأدعية

لعل السماء تمطر خبزاً…

وحريرا… وأثداء مطلية

أفواهنا مقيدة

حواسنا معطلة

بتعويذة السلطان نحن بها مفتنون

تضم شرائع ومذاهب شيعية

وتراتيل للعذراء

ودراويش والطريقة الصوفية

فيها حبوب تخدرنا وتنهي العقدة الجنسية

فتباها الشعب ما ورثوا

كأنه تابوت العهد القديم وسجادة سحرية…

العاطلين خرجوا في الشوارع

كلهم خرجوا

تلطم وتركض كالجراد كأنها ثورة شعبية

الملايين لازموا الكنائس، الجوامع

التكية ومراقد حسينية

يمجدون الوزير وما جاء في الوصية

ويركعون أمام السلطان كأيام الجاهلية

نحن تعساء ومرضى

نداوي جراحنا بالأعشاب بدلاً من الصيدلية

نثرثر ونهول أمام الطغاة بدلاً من حمل البندقية

فأصبح مصيرنا

كدجاجة مذبوحة

بسيف الطاغية

شاهد أيضاً

المتمرد

 مِـنْ كُـلِّ فِـكْـرٍ لا يُوَافِـقُ مَـقْصدَه قد حاكَ ما لا تَـرْتَـضِـيـهِ المَفْسَدَة قد غاصَ في …