بين الرمضاء والماء/شعر : علي الباز – مجلة أقلام عربية

بين الرمضاء والماء

 

لِمَرارةٍ تُبكي وطولِ فراقِ
من نكسةٍ تُدمي وسوءِ تَلاقِي

نتقاسمُ الأَحزانُ في زمنِ الأَسى
تتفاقمُ النَّكباتُ في الأَعماقِ

والعيرُ في الشطآنِ ترمقُ حتفها
أَمِجَت ظِماءً تكتوي بِحراقِ

ماءٌ قعاعٌ حالَ دونَ سِقائِها
والرَّهجُ يَحجُبُ رُؤيةَ الآفاقِ

لَجَأَت إلى رَمَقِ المفازةِ عَلَّها
تَجِدُ البَصِيصَ بِفَاقِدِ الأَرماقِ

وَأَناخَتِ الأَجسامَ في رَمضَائِها
زَحفَاً على قِيثَارةِ الإِخفاقِ

بُخقُ العُيُونِ وَدَمعُها أَضحَى دَمَاً
هَمَلَت بِهِ من حُرقَةِ الآماقِ

أَنَّى لَهَا أَن يستقيمَ سَوَادُها
وَيَشُدَّ قَائِدُها خِطَام زِنَاقِ?

وَظُهُورُ عِزَّتِها بِقَشَّاتِ العِدَى
مَقصُومَةٌ مُنهَارَةُ الأَعنَاقِ

وَحُصُونُ أَسنِمَةِ الذُّرَا بِدُنُوِّها
طَرِبَت لِحَادِي سَادَةِ الأَشداقِ

وَأُنُوفُها الشَّمَّاءُ عَانَقَت الثَّرَى
فِي ذِلَّةٍ تُنبِيكَ بِاستِنوَاقِ

كَنَعَامَةٍ فِي الرَّملِ دَسَّت هَامَةً
وَلِسَوءَةٍ كَشَفَت بِزيِّ نِفَاقِ

العِيسُ تَملِكُ قُوَّةً وَقِيادَةً
أَردَتهُما في سَاحِلِ العُشَّاقِ

وَاليَمُّ زَرَّقَتِ السَّمَاءُ خُدُودَهُ
فِي صَبغَةٍ تُوحِي بِطُولِ عِنَاقِ

هَيهَات أَنَّى تَستَمِدُّ سُمُوَّهَا
مِن طَاعَةِ القصوَى وَعَزمِ بُرَاقِ?

إِلَّا بِدَحضِ الجورِ من غَبرَائِها
فِي أُمَّةٍ مُنِيَت بِفَرطِ شِقَاقِ

هَامَت عَلَى هَيفَائِها في حقبَةٍ
شَهَدَت رُكُوداً مِن ذُرَا الأَنيَاقِ

مُذ طَأطَأَت رَأسَاً لِمَوَّالِ الدُّمَا
حَصَدَت شَنَاراً بَعدَ ضِيقِ خِنَاقِ

عَاثَ الجُنَاةُ وَأَضرَمُوا أَحقَادَهُم
فِيهَا بِنَفخِ الآبِقِ الأَفَّاقِ

يَاأيَّهَا المَوقَى أَلَيسَ يُضِيرُنا
وَهمُ المَوَامِيَ وَالسَّرَابُ الرَّاقِي?

حُثُّوا الخُطَا نَحوَ العُلَا واستَأصِلُوا
دَاءً يُقَزِّمُ سَامِقَ العِملَاقِ

وَامضُوا على الدَّربِ القَوِيمِ بِهِمَّةٍ
عُليَا وصُونُوا الطُّهرَ بِالأَحدَاقِ

لِنَشِبَّ في الأَوطانِ عَن شَرك الرَّدَى
كَفَوَاخِتٍ شَبَّت عَنِ الأَطوَاقِ

فَالمَارِدُ المَبتُورُ طَاوَلَ أَنجُمَاً
عَلَمٌ جَسُورٌ رَاسِخُ الأَعمَاقِ

كَالطَّودِ يَثبُتُ شَامِخَاً لَم يُثنِهِ
جَدعُ الأُنُوفِ وَلَهجَةُ التَّحلَاقِ

فَالحَقُّ أَبلَج وَجهُهُ شَمسُ الضُّحَى
وَاللَّيلُ سَوفَ يَزُولُ بِالإِشرَاقِ

 

علي الباز

شاهد أيضاً

ريمة

دعني اخُطُّ بِنبْرةَ الأقلامِ شِعراً يفوقُ منصّة الإعلامِ دعني اشِيدُ لريمةٍ ورموزها بقصيدةٍ عزَفت بها …