حينَ شاعرٌ لا يطيق الحنين
لمن تغنّينَ ؟ هذي الأرضُ صمّاﺀُ
تقودُها طبلةٌ للحربِ جوفاﺀُ
غنّى لها شاعرٌ – فيما مضى – درراً
من النفائسِ و الأذواﺀُ أذواﺀُ
فقلَّدَتْهُ وسامَ الشّمسِ يملكُها
و صوتُهُ العذْبُ أفياﺀٌ و أنداﺀُ
و اليوم شاعرُها ملﺀ المدى قلِقٌ
غارتْ بعينيهِ أمجادٌ وأضواﺀُ
كأنهُ حجرٌ ألقتْهُ عابرةٌ
في بركةٍ جفَّ من أعماقِها الماﺀُ
كأنّهُ طائرٌ يهوي على جبلٍ
أدمَتْ جناحيهِ أنواﺀٌ و أنواﺀُ
كأنّهُ
وترٌ للحزنِ ..
أغنيةٌ للشوقِ ..
قافيةٌ للموتِ عصماﺀُ
كأنَّهُ قشَّةٌ في قلبِ عاصفةٍ
يلفُّها الليلُ و الأمواجُ هوجاﺀُ
كأنّهُ ظمأُ الأسفلتِ تطرقُهُ
عندَ الظهيرةِ أقدامٌ و أرزاﺀُ
أوجاعُهُ آهةٌ في صدرِ سيدةٍ ثكلى
لها في كتابِ الفقدِ أشياﺀُ
و صوتُهُ طاعنٌ في اليأسِ منهزمٌ
في حضرةِ الراﺀِ لا حاﺀٌ و لا باﺀُ
قصائدُ الضوﺀِ فرَّتْ من محابرِهِ
لا شعرَ إلا الذي لاكَتْهُ خرساﺀُ
يمضي على عجلٍ يروي حكايتَهُ
للنّازحينَ و يرثيهم إذا شاؤوا
قالت لهُ الأرضُ : لا تيأسْ
و قال لهُ الطوفانُ : لا تنتظرْ دنياكَ جدباﺀُ
ُمدائحُ الزّهرِ لا تجدي إذا عجزتْ
أنْ تمنحَ العطرَ من راحوا و من جاؤوا
و أنجمُ اللغةِ الزهراءِ آفلةٌ
إنْ شاعرٌ عاشقٌ خانتْهُ حسناﺀُ
يا شاعرَ البحرِ و الصحراﺀِ ثَمَّ هوىً
يذوي إذا طعنةٌ في القلبِ نجلاﺀُ
محمد ناصر السعيدي