(خـــائـِنَة)للشاعر : حسن منصور
فواز الطيب
15 مارس, 2018
شعر
561 زيارة
خـــائـِنَة
الشاعر /حسن منصور
******
غُرّي بِحُسْنكِ مَـن لهُ قلبُ الصَّبي
ولْتَـبْـعُدي عـن دربِ كلِّ مُـجَــرّبِ
فَـالغِـرُّ قـدْ يُـرْضـيهِ حُـسْنٌ زائِـفٌ
يُخْـفي الْمَلامـحَ في مُحَــيّا أجْـربِ
والـغِــرُّ يُـقْـــنِـعــهُ كـلامٌ ســاحِــرٌ
في عُــمْـقـهِ روحُ الْخِـيانةِ تَخْـتَـبي
غَـطَّـيْـتِ نفـسَكِ بالْحِـجـابِ دِيانــةً
وتَركْـتِ روحَـكِ حُـرّةً لَم تُحْـجَـب
مِن دونِهــا ذاكَ الْحِـجــابُ سَـوادُه
أضْفى عــلـيها هـيْـئـةَ الْمُـتَرَهِّـب
لكنْ مـعَ الشّـيْـطـانِ تَـمْـرحُ دائِمـاً
في كــلِّ وادٍ غـــائِـرٍ أوْ سَــبْـسَـب
يا مَنْ تَخِــذْتِ منَ الْمُسوحِ ذَريعَةً
تَتـوَسَّـلينَ بِهــا لأَحْــقـرِ مَــطْـلَـبِ
تُرْضينَ أهـلَـكِ والعشيرةَ مَظهَـراً
وتُخَـبِّـئـيـنَ فُـجـورَ قـلـبٍ مُسْـغِـب
ويَخِـفُّ نَحـوَكِ كلُّ وَغْــدٍ سـابِحـاً
مُـتَسَــلِّـلاً يَحْـكي لِــواذَ الثّعْــلــب
ويَـمُـرُّ لـيْـلُـكِ قـانِـيــاً مُـتَـرنِّـحـــاً
كَـترَنُّـحِ الأعْـطـافِ بعدَ الْمَـشْرَبِ
**********
يا مَن دَرَجْتِ على الْخِيانةِ والْخَنا
مـنـذُ الصِّـبا ويَعِـــزُّ أنْ تتَجَــنَّــبي
هذا الصّباحُ وقد تَنـفّسَ فانْهـضي
كيْ لا يَجـيـئَـك بالّـذي لَم تَـرْغَـبي
كي لا يَراكِ الـنّــاسُ عـاريَةً هُـنا
تَـذَرينَ لَحْـمَـكِ لـلــذِّئابِ الـنُّـهَّـــب
عـودي إلى تلكَ الْمُسوحِ ولَمْلِمي
فـيـهـــا بقـايـاكِ الّـتي لَـم تَـذْهــــبِ
فـلَطـالَـمـا أَبْدعْــتِ في فـنِّ الْخِـــــداعِ
ولَـم تُثـيـري ريبَــةً أو تَجْــلِـبي
بلْ كان وجْهُــكِ للوَقـارِ نَموذَجـاً
يـــومَى إلــيــهِ بِـهَــيْــبـــةٍ وتَــأَدُّب
***********
لكـنْ أراكِ اليـومَ لَــم تَـتحَــرَّكـي
أوْ تُسْرِعي الْخُطُواتِ كيْ تتَجَلْبَبي
عَـرّيْتِ جِسمَـكِ لْم تَخافِي لَـوْمةً
مـنْ لائِــمٍ أوْ تَـقْـلَــقي أو تَـرْهَــبي
وكَشفْتِ نفسَكِ في الضّياءِ تَحَـدِّياً
لـلأَعْــيُنِ الْمُـتـلَهِّــفــات الــرُّقّــَب
وزَعَـمْـتِ أنَّ لديْكِ عـقْلاً ناضِجاً
سـيُـبَـشّرُ الدّنـيـا بـعَـهْــدٍ مُخْـصِب
يَـرْعى به الـذّئْـبُ الشِّـياهَ مُـبكِّراً
ويكـونُ حـارسَهـا بُعَـيْـدَ الْمَغْــرِب
ويَعيشُ فيه الظّـبْيُ معْ ليْـثٍ غَدا
مـنْ غـيـرِ نابٍ قـاتِـلٍ أو مِـخْـلَب
ويعُـمُّ في الـدّنيا السّلامُ ويَنْـتَـهي
كلُّ اخْـتلافِ الرّأيِ دونَ تَعَـصُّـب
فـالعـيْشُ دائــرَةٌ تَقــودُ مَسـيـرَنا
مَقــفـولَـةُ الأرْجـاءِ مـثلَ الغَــيْهَـبِ
إنْ سرْتَ منْ أيِّ الْجِهـاتِ فَإنَّمـا
لا فــرْقَ بـيـن مُـشَـرِّقٍ ومُـغَــرِّب
بلْ يلـتَـقي كلُّ الــذين تَـفــرَّقــوا
في ساحِــهــا مِـنْ أبْعَـدٍ أوْ أقْــرَب
هـذي مَزاعِـمُكِ الّتي أطْلقْـتِهـا
إذْ قــلْـتِ للأَقْــوامِ دونَ تَـذَبْــذُب:
(فـلْتَعْـلَموا أنّ الْمُـرونةَ تَقْـتضي
تغـيـيـرَ رأيي نَحـوَ رأيٍ أصْـوبِ
ولذا فـإنّ الْجسمَ وهـوَ مُحَـجَّــبٌ
هو نفسُه إنْ كانَ عـاري الْمَنْكِبِ!)
***********
ومَضيْتِ في درْبِ الْخِيانةِ حُرّةً
لا حـاجــةٌ تَدعــوكِ أنْ تَـتَـنَـقّـبي
منْ بعـدِ أنْ أبْديتِ رأيَكِ لِـلْـمَـلا
وظَنـنْـتِ ليسَ هُـناكَ أيُّ مُـكَـذِّب
وجعَلْتِ بابَكِ مُشْرَعاً لِمَنْ ابْتَغى
والبَـيْـتُ كالْمَـيْدانِ أو كَالْـمَـلـعـبِ
ونَراكِ تُبـديـنَ السّعـادةَ مُـنـذُ أنْ
أوطَـأْتِ خِـدْرَكِ كلَّ عِـلْجٍ أجْـنَبي
ماذا يقـولُ الزّوْجُ والأهْـلُ الأُلَى
وَثَقــوا بِـأنَّـكِ ذاتُ فِـعْــلٍ طَـيّـب؟
وَبنوكِ لوْ دَخَلوا إِلَى وَكرِ الْخَـنا
ورَأوْا زَبائِنَ أمِّهــمْ كالطُّـحْـلُـــب؟!
مُسْـتـنـقَعٌ وعُــفــونةٌ وطَـحـالِبٌ
لَـمْ تَخْــفَ إلاّ عــن بَلـيـدٍ أوْ غَـبي
أوَ ليسَ من رَجـلٍ رَشـيدٍ فـيهِمُ:
أهْــلٌ وزَوجٌ كُـلُّـهُـم لَـم يغْــضَــبِ!
أوَ ليْسَ في الأبْناءِ شَهـمٌ صارِمٌ
في صَـدْرهِ نـارُ الصِّـبا الْمُـتَـلَهِّــب
أوَليسَ فـيـهــمْ واحِـدٌ مُتَحَـسِّـسٌ
ما حَـوْلَـه، مُـتَـفــهِّـــمٌ للْـمَـذْهــــبِ
فَيُزيلَ عـنهـمْ عارَهُـمْ بِحُـسامِـه
مُـتَـجَـرِّداً لا يَنْـتَحي عنْ مَـطْـلَــب؟!
**********************************************************
الشاعر حسن منصور [كتبتها عام 1993م]
من المجموعة السابعة، ديوان (وقفة على الطريق) ط2 – دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع – عمّان. 2014م (ص18)