لَوِ اسْطَعْتُ ما استثنَيْتُ مِنْ جَنّةٍ عَرْفا
تَـأرَّجَ إلّا صُـغْـتُ مـنْ بَـوحِـــهِ حَــرْفــا
و آذَنــــتُ إِمَّــا أنْ يَــســيـــلَ مِـــدادُهُ
عـبـيـراً و إِمّــا أنْ أُمـــزِّقَـــهُ حَــذْفــــا
فــإنْ يَعصِنـي عَجـزاً أَوِ اهـتَــزَّ رَهْـبـةً
أَجَــزْتُ لحرفـي حِـبـرَ أورِدتـي نــزْفــا
إذا كـانَ بعضُ الحُبِّ يُوجـبُ حَجْـبَــهُ
فحـبُّ رسـولِ اللهِ مُوجـبٌ الـكَـشْـفــا
تَـدَثَّـــرَتِ الـدُّنـيـا ضــيـاهــا و قـبْـلَــهُ
دُجــاهـــا يُغـشِّـي كُلَّ نـاحـيـةٍ سَـدْفـا
صَـدى لـيلـةٍ فــي الـغـارِ أيقَـظَ أُمــــةً
مُـعَــرِّقــةً في الـغَـيِّ تــلـتَحِـفُ الكَهْفَا
فللّهِ غـــارٌ مـولِــــدُ الـــنُّـــورِ ظِــلُّــــهُ
و مَنْ مَدَّ ظِلَّ النُّورِ فَوقَ الوَرى سَقْفا!
يتيـمٌ تَـغـذَّى الـبُـؤسَ مُــرتَويــاً أسًى
تــرَوَّتْ بطــاحُ الأرْضِ مِنْ قلبِهِ عَطفـا
و لامـسَ ضَعـفَ المُستَذَلّينَ فارتَـقَــوْا
كأنْ لـمْ يَهونوا أَمسِ أوْ يُتْرَفوا ضَعْفـا
أذاعَ بيانَ(الفجرِ)و(الشّمسِ)و(الضُّحى)
فجَلّـى نــهـاراً شَمسُـهُ الـدَّهْـرَ لا تُطفَـا
و شَــرَّعــتِ الألـبــابُ أبــوابَــهــا لــــهُ
لـتحـيــا بــــهِ إلّا الـمُـغَـلَّـقَـةَ الــغُـلْـفـا
و لـمْ يـكُ يَكـفـي الـبـاذخيـنَ سَفاهـةً
بــوارقُ آيٍ زَلــزَلَـتْ كِـبْــرَهُـمْ خَـسْفــا
و لا لـيلـةُ الـمَـسـرى لهُمْ شَعَّ فَجـرُهــا
و لا الـقمَـرُ المُنشقُّ شـطرَيْنِ قَدْ وَفّى
و لمْ يـرشُفُــوا مِنْ مَنهَلِ الـمـاءِ قَطْرَةً
و قدْ فـاضَ عَذبـاً مِنْ أَنـامـلِـهِ صِرْفــا
إذا مَـكَّــةُ اشـتـدَتْ عَـلـيــهِ شِــعـابُـهـا
تــلـظّـى لــهُ مَــدَّتْ رُبـــا يَـثـرِبٍ كَـفّـا
فمـا وَطـنٌ يُغـني و قــدْ حاصَرَ الهُدى
و مـا مِهْجَـرٌ مُـهْـدٍ جَـنـاحاً لــهُ مَنفـى
أمـامــاً مَضـى و الـبِيـدُ جَمــرٌ رِمالُـهـا
و بَرْدُ الرَّجا يمحو التهابَ الخُطا خَلْفا
تحـرَّيْ قِــراكِ الـضَّـيفَ يا أمَّ مَـعـبَــدٍ
و إلّا اسـتـدَرَّ الـزَّادَ مِنْ شاتِكِ العَجْفا
وَصَفْتِ فأَحـسَـنْـتِ الـبَيانَ و لمْ يَكُنْ
سِـوى أحـمَــدٍ زانَ البَلاغـةَ و الوَصفا
جـمــالٌ لِـــهُ تِــمٌّ فـنِـصــفٌ جــلالُـــهُ
و فـيـــهِ تـنـاهى الحُسْنُ إنَّ لَهُ نِصفا
فلو لـمْ يكُنْ نِصفـاهُ شَمسـاً و ظِلَّـهــا
لَظُلِّلَ وََجهُ الشّمسِ بالحُسْنِ فاسْتَخفى
ســجــايــاهُ دُرٌّ صـاغَـــهُ اللهُ مُـفـــرَدٌ
بـعِـقـدِ رسـولِ اللهِ مَرصوفــةٌ رَصْفـا
و ما أُعْظِـمَتْ في الـذِّكـرِ إلّا لتُقتَفـى
و ما مِثلُـهـا لـلخَـلْـقِ مِنْ مُثُلٍ تُـقْفَـى
و ما مِنْ سـبيـلٍ لـلـعُـلا غـيـرُ نَـهْجِـهِ
مَـنِ اسْــتَـنََّـــهُ للهِ قــرَّبــــــهُ زُلـفــى
أَيُـدلِــجُ في لـيـلِ الـضَّـلالِ مُـــوَرََّثٌ
مِحَجَّـتَـهُ لـلـرُّشْــدِ بيضـاءَ لا تَخفى؟
ســرابٌ هِـيَ الأحـلافُ لَيـسَ مُحمَّداً
فحَسبُ بـهِ المَنجى فأعظِمْ بهِ حِلْفا!
عُـلِــمْـتُ رســولَ اللهِ حَرفـيَ قاصراً
و لكـنْ أبَـى إلّا ازدلافــاً و لـوْ زَحْـفـا
و خـافَ ارتــداداً ظـامـئــاً بَـيْـدَ أنّــهُ
كَـفَــاهُ وُرودُ الـبَحـرِ مُـغْـتـرِفاً غَرفْــا
جـديــرٌ بمَنْ يُـغـري سَــنـاكَ حروفَـهُ
بمدحِكَ أنْ ترقى ليَرقى و أنْ تُصفَى
و كــيـفَ يـنـالُ الـبِــرَّ حَــجُّ قصيـدةٍ
إذا لَـكَ لـمْ تجـعَـلْ مَـنـاسِكـهـا وَقْفـا؟
-
محمد الجوير