قصة
قتل شرعي
بقلم / حسن غريب أحمد
عضو اتحاد كتاب مصر
_______________________________
قال له: لا تتردد التردد نهايته الإستسلام والتقهقر.. لاريب أنني سأكون بعد اليوم إنسان بمعنى الكلمة متحملاً المسؤوليات، عندما أعرض المذكرة إلى مدير الإدارة.. كلا.. كلا.. حتماً لابد أن تقدم إلى وكيل الوزارة مباشرة.. أدرك أنه أول شهر يمضي على تعييني بالمدرسة الخاصة كمنتدب من مدرسة أخرى حكومية.. عملي هذا جاء بعد معاناة وضناء.. بجهدي وحدي لكن يهم الإنسان القيم والمبادئ ولابد من عرض أفكاري.
قيل له: هل يا ترى تظن نفسك مِـن المكتشفين لسلبيات وأخطاء ومساوئ المدرسة؟.. كم مدرس معك فى المدرسة؟ كم قسم بالمدرسة؟ كم عدد الموجهين ورؤساء الأقسام؟
قال له: “في حدة وتوتر”.. الأخطاء بارزة كما ضوء الشمس.. أي إنسان يدركها حتى ولو كان حديث التخرج قليل المهارة إنها أخطاء جسيمة وخطيرة ألا تشاهد وترى بنفسك؟ قال له: (وهو يقيم الحجج والأدلة ويحاول ربح الموقف بأى شكل) يقول إنك قليل الخبرة.. أنت صغير السن، حديث العهد قال له: لكن الأخطاء واضحة كالشمس ظاهرة للعيان.. لا تحتاج المهارة والخبرة أنظر ألا ترى؟ فقال له: إن الشجرة الصغيرة لا تستطيع أن تقاوم الرياح.. القارب الصغير لا يقاوم الموج العاتي فقال وهو “يصرخ” أنني لا أقترف أخطاء.. أنني أنادي بتصويب الخطأ.. فقال له: هذه ُسنة الحياة.. هل ستقيم الحياة كما تريد؟!! فقال: هناك آلاف بل ملايين غيرك سكـتوا جميعاً.. لا يجب أن أقف هكذا تلهو بي الأفكار.. لابد أن أتخذ الرأي وأتشبث به.. القرار قراري.. (بلى) قراري بمفردي وحدي.. أنني على صواب.. وقد قرأت فى أحد كتب علم النفس أن المرء أحياناً يكون في أعماقه أكثر من إنسان منها الطيب ومنها الشرير ومنها الخبيث.. لا بد الآن أن أكتب المذكرة سأكتب المذكرة.. لا بأس.. لا بأس.. أخذ ينفث دخان سيجارته فى الهواء وهو يردد بصوت عالٍ: “الحمد لله قاربت المذكرة على نهايتها”.. الحمد لله أن وفقني أن أتفوه بكلمة الحق.. ستتغير الأحوال.. سأجني ثمار قيم ومُـثل منذ زمن وأنا أرنو لتحقيقها (سكون خيم على المكان).
الورقة تقترب مع نهاية لفافة التبغ.. أخذ يتأمل ببرود النار تلتهم الورقة.. شعر بشيء خفي يمسك يديه.. أخذ يراقب النار وهي تأكل الحروف.. النار تلتهم الحروف بنهم الدور الآن على كلمة “أخطاء” تآكلت.. ترك نفسه ليسبح بأفكاره مع إتساع الدائرة.. النار تحيل الكلمات رماداً.. مازالت الكلمات تتآكل.. الدور الآن على (القيم) المفروض “أقترح” ببرود شديد.. أخذ ينظر للكلمات المتآكلة.. ماذا حدث؟ لقد غاب عنه أن يقضي على أشخاص آخرين تكمن بأعماقه وتجري في داخله.