ماذا لو؟

ماذا لو؟

ها أنا يا صديقي أكتب لك رسالتي هذه من الجانب الآخر للألم، فلن أكتب لك عن خراب الأوطان وزواج الصغيرات، فكل القضايا المتعثرة لم تعد الكتابة عنها مجدية.
ساكتب لك عن غرفتي القديمة التي أسكن فيها، فهي مدينة جميلة تطل على سواحل المريخ وجزر القمر، ملبسة بالطين يبدو عليها وجه سيدنا آدم وبراءة طفلة خصها الله بأن تصبح أما قبل أن ينسى قلبها مدينة الألعاب والملاهي.
فما أجمل هذه الدنيا ياصديقي!
لو رحل منها الصالحون لكل زمان ومكان وتركوا فيها الأشقياء يتلمسون لهم مع قططهم عن مأوى ومشاكل يستأنسون بها.
آه ياصديقي!
لم يسبق للمهندسين في بلادنا أن زينوا البيوت بالمتنقاضات الصالحات المباركات.
فالاتساق الفني يحرض على الضجر ويدعو الوحوش الضارية في البراري إلى التحرش بنفسها وربما إعلان الحرب.
أنا هنا في غرفتي اتجلى على العالم كما يتجلى النهار.
ليتك تدري كيف يبدوا كبيرا ومثيرا للسخرية والتصغيير.
يمكنك هنا فقط أن تخلع روحك لترتدي أخرى أكثر إيمانا وقدرة على فهم كيفية عمل الأشياء وفلسفتها.
الصراصير أكثر أصدقائي الذين ألتقي بهم، فهل سبق لك أن أحببت صرصورا؟
أو جلست معه في مقهى لتقرأ معا كتبا دينية أو حتى عن الحب وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت؟
دخن!
فالذين لم يدخنوا ماتوا قبل أن تنتهي أعمارهم.
ماتوا ولم يعرفوا أنهم عاشوا في حياة افتراضية!
فهل بعد هذا كله لم تعرف أين أنا؟
فماذا لو؟

شاهد أيضاً

قراءة في التجربة الإبداعية للدكتورة عزيزة الصيفي

   ليست هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن معالي الأستاذة الدكتورة عزيزة عبد …