بُـنَي ! آمُـلُ ألا أشيخَ كيلا أرهقَك و آمُـلُ ألا تشيخَ كي تظلَّ صبياً يرهقُني ضجيجُه ! آمُـلُ أن أرحلَ عن وجهِ الحياة قبلَ أن يفقدَ وجهُك نضارتَه و ابتسامتَه في وجهي ,
بُـنَي ! ملاعِـقُ الطعامِ التي أطفئُ بها جوعَك تشبعُني البقايا العالقةُ فيها , و بجوفِي الفارغ أمتلئُ فرحاً , فهلّا شاطرتني بقايا طعامِك حين أكتهل ؟
أحـمِلُك بحبٍ حتى لا تلقيني ذات يوم , أحملُك الآن كيلا تضعَني غدا , أحبُّك بضعفِك فماذا عنك حين يطالني الوهـن ؟
بُـنَي ! أنتَ كُـلِّي فاجعلْني بعضَك عندَ الكبر ! أعلَـمُ أنني لنْ أكون كلَّك ذات يوم , لا عليك ! لست أنانية , فقط هبني بعضَك عكازاً حين أفقدُ توازني ,
بُـنَي ! زرعتُك يوماً في أحشائي و تعهدتُك بالري كي أستظلَّ تحتَك في ذات قيظ , و لو بيدي ما قطعتُ حبلَك السُّري كي أضمنَ ألا تنفصلَ عني فأجدُني بلا راع,
بُـنَي ! لكم أطربني صراخُك , و لي قلبٌ يصغي له كما تصغي لموسيقاك , أستحيلُ أغنيةً و أنبعثُ خلجاتٍ ضاحكةً رغم كثافة آلامي كي أسبغك راحة و سكينة فلا يؤذينك أنيني ذات يوم..