…… رساله من المنفى ……
أبـَقـْتُ مِنْ دَارِي لِغَيـر ِ دَارِي
وَ مِن ْ فَسِيـحِ جـَنَّتِـي لِـنـَارِي
وَيـْلٌ لِـعَـبـْـدٍ آبـِــقٍ شـَـرِيــدٍ
مِنْ وَحْشَـةِ الغِيْلانِ والصَّحـَارِي
جَارَت ْ وَ قـَدَّتْ بِالْعَنَـا قَمِيصِـي
وَ هَتـَّكَـتْ علَى الـوَرَى سِتَـارِي
فَالسَّيرُ في رَحْلِ الْعَنَا كَئِـيـبٌ
وَ المَوت ُمِنْ قَهْرِ الشَّقَا ٱنْتِحَارِي
الظُّلْم ُأَضْحـَى سـَيـِّدَا ً عَظِيمَـا
في حَضْرَة ِ الخُـدَّامِ و الجَوَارِي
والعَدْل ُ قُـصـَّتْ سَاقُهُ فَأَضْحَـى
كَأَعْرَج ٍ ، كَاسٍ و َشِـبْـهِ عـَارِي
و َظِلـُّهُ إِنْ يـَمـْشِ مُسـْتـقـيـمَـاً
فـَسـَاقُــهُ قـامـتْ مـعَ ٱلـقـَرارِ
لاَشَيءَ مِن دِينِ الوَرَى ، يـَقـِينَـاً
بـِحـُكـْمـِهِ ، إِلَّا عـلـى الـصِّـغَـارِ
رَأَيت ُ فيهـا مَا يُـذِيـب ُ رُوحـِي
سَجَّـانـَتِي ، وَ أَتْـقَـنـَتْ حِصِـارِي
و َسَـيفُـهــَا لا يَـسـتـَفـِيـق ُ إلا َّ
إذا دَعـَـاهُ ظَــالِــم ٌ و ضـَـارِي
إذا جَــنَـى بــَاغٍ عَـلَـيَّ عـَمْـدَاً
و هَـان َ عِــزِّي سَـاحِـبَـاً إِزَارِي
و شَـدَّ ظَـهْـرَا ً بالقـَرارِ ظُـلْمـَاً
يـُدِيـنُـنِـي فـي ذِلَّــةٍ قَـرَارِي
فالذِّئْبُ إن ْ هاج َ القَطيعُ ، تَيْسَـاً
مُـسَـلـِّمَـاً ، لا بُـــدَّ أنْ يُـدَارِي
يَقُـول ُ لي يَومـا ً صَـبِـيُّ قَـومٍ
حَـمَـلْـتُ أَفْـلاكـَا ً على مـَدَارِي
شُعُوبُكـُمْ عَاشَـتْ بِخير ِ أَرضِـي
و أَهْلَكَتْ غَرْسِـي معَ الـثِّـمَـارِ
حَـمـَلْتُـكُـمْ لكي أَكـونَ سـِيْـداً
و لوْ جَهُـولًا فـالـغِـنـَى وَقـَاري
أَجَـبـْتُـه ُ يا سَـيِّـدي ، فَـأَرْخـَى
كُـتـُوفَــهُ ، تـَطَـايَـرَتْ شَـرَاري
لو ْ يَرْتَـقِـي بِالـجـَهـْلِ عَبْـدُ سُـوءٍ
فـَحـَامِـلِـي وَ سَـيـِّدِي حـِمَـارِي
فَـسَـلَّ أَنـْيـَابَـا ً وَ عَــضَّ زَنْـدِي
و َزَادَ زُورَا ً يـَكْـتـَسِـي حِـوَارِي
وَ قـَادَ لي جَيْشَاً وَ شَـد َّ قـَيـدِي
و َشـَق َّ في زِنْـزَانَتِـي مَـسَـارِي
وَ ظـَلـْت ُ أَبْكِي منْ أَسَايَ دَهْـرَاً
وَ أَشْـتَكـِي ظُلْمِـي عَلى جِـدَارِي
الرُّوحُ في مَنْفَى وَالسِّجْنُ مَنْفَى
وَ رِيـشَـتـِي نَـفَّـاضَـة ٌ غُـبَـارِي
كَـتـَبـْتُ ، أَحْـيـَا عَـائـِلا ً فَـقِـيـرَاً
في مَوطِنـِي وَ عِزَّتـِي شِـعَـارِي
رِسَالَتِي : مَا هُـنْـت ُ قـَبَـلَ هـَذَا
وَ لا َ طـَغَـى لَيْلـِي عَلَى نـَهَـارِي
يا سَامِعِـي خُذْ مِنْ نِـدَايَ دَرْسَـاً
و َ صُـن ْ بِـلاَدِي يـَا أَخَــا الـدِّيَـارِ
يَكْفـِي فَفِي قَلْبـِي يـَمُـوج ُ قَـهـْرِي
وَ فـِي يـَرَاعِـي سُـجِّـرَتْ بِـحـَارِي