مشكلة الهوية الفكرية:
=============——————————— الشاعر حسن منصور
*****
[….. والمشكلة الأخرى التي نواجهها هي: (متى سنكون قادرين على تحديد هويتنا الفكرية؟) إن هذه الهوية أكثر أهمية من الهوية الشخصية لأنها في النهاية هي الإنسان ذاته: أفكاره ومعتقداته وثقافته وأخلاقه وتكوينه البشري والإنساني وطابعه المميز له بين أمم الأرض العديدة وأجناسها التي لا تكاد تحصى.
متى سنكون قادرين فعلا على تحقيق منطق الطبيعة الصحيحة الحية فينا دون تذبذب ولا تشكك في أنفسنا، ذلك المنطق الذي عبّرْتَ عنه أنت (أيها المفكر الواعي المستنير مالك بن نبي) على لسان عامل جزائري سليم المنطق، بسيط العبارة وصادق القول عندما وقف في وجه أحد المتقوقعين السلبيين الخائفين من كل شيء حولهم وقال بيقين: (لا يحملُ الطُّعْمُ “إذا حمل ” ثمارَ الأرومةِ التي وُضِعَ فيها، بل ثمارَ أرومته الأمّ !)
متى سنكون قادرين فعلاً على أن نحْملَ ثمارَ أُرومتنا (الأُمّ) التي نغرسها في تربة هذا العالم الجديد؟
إننا لا نريد أن تبقى تلك الأرومةُ (الخشبية الجامدة) مغروسةً في تربة جدباء لم ينزل عليها المطر منذ قرون طويلة، وكأنما هي نبتة محنّطة أو محفوظة بين أربعة جدران عالية تفصلها عن كل ما حولها، بل نريد أن نغرس أرومَتَنا في تربة هذا العصر التي تسقيها ينابيعُ وأمطارٌ وثلوجٌ، نريد أن نغرسها بقوة وأن نغرسها عميقاً بحيث لا تقوى على هزّها ريح ولا عاصفة ولا تفقد شيئاً من أصالتها وعراقتها، ولكي تثمر لنا (تلك الأرومة) الثّمَرَ الشهيَّ الخالي من التهجين، والذي يكون له لون جميل ومذاق طيب……]
***********************************************************
[مقتطف من مقال لي بعنوان (مالك بن نبي ومشكلة الأفكار) من كتابي (بدون أقنعة) ـ سلسلة بين الواقع والمتخيل(3)ـ ص125ـ ط2 دار أمواج ]