الشوقُ أحرقني وعيني ساهرة
وغزالتي الحسنا لِطَيفي ناظرة
ذابَ الفؤادُ بنأيِها وصدودها
وغدت بتعذيبِ الفؤاد مفاخرة
عطشٌ تئنُّ له الحُشاشةُ والجَوى
وبدونِها كلُّ الجوارحِ شاغرة
ناديتُها تسقي الورودَ بصبحِنا
فبدت أمامي كالغزالةِ ساحرة
هلا رحمتِ تودُّدي وتلهُّفي
وبقيتِ ليلاً في فِنائي ساهرة
فلمَ العذابُ صبيَّتي وعشيقتي
بدمي أراكِ وبالوريدِ مسافرة
آهٍ وآهٍ لو علمتِ لَكَم أنا
بهواكِ أبدو فاقداً للذاكرة
آهٍ وآهٍ لو رضيتُ وصالَنا
في بحرِ عشقي لن تكوني الخاسرة
فجمالُكِ الفتانُ مَزَّقَ مهجتي
وبحسنِكِ الٱخاذِ روحي ساكرة
وهواكِ ولَّعني وألهبَ صَبوَتي
وسحابُ وجدِكِ فوق جمري ماطرة
كابرتُ نفسي بالبعاد إذا بها
عصفورةٌ في جوِّ قلبي طائرة
حوراءُ تأسِرني مفاتِنُها التي
هي في الدعابةِ والتغنجِ ماهرة
حاولت أنسى طيفَها فإذا بها
في كلِّ أحلامي أراها زائرة
عسليةٌ ولطيفةٌ ولعوبةٌ
ولذيذةٌ وفريدةٌ هي نادرة
أنفاسُها وعناقُها وشهيقُها
كلُّ الثواني في لقاها آسِرة
والخدُّ وردٌ ناعمٌ متفتحٌ
فتانةٌ جذبتْ عيوني الناظرة
سحريةُ الشفتينِ يقطرُ شَهدُها
آهٍ لرشفِ الراجفاتِ الثائرة
نهدانِ في ريعِ الصِّبا كالشُّمِّ قد
برَزا ودونهما شفايَ الغامرة
وقوامُها غصنٌ رطيبٌ وارفٌ
يهتزُّ من أنسامِ ريحٍ عابرة
ريحانةٌ عطريةٌ وعبيرُها
أسرَ الفؤادَ وزاد فيه مشاعرَه
قالت لقد أشعلتَ ناراً بالجوى
فأنا لحضنك في الليالي ساهرة
فتنهدتْ وتمايلت فإذا بها
تدنو إليّ بخطوةٍ متواترة
سر يا حبيبي أين شئتَ فأنني
بخطاكَ دوماً بالمحبةِ سائرة
يَمم إلى نحو الديار دياركم
لا لن أعودَ إلى دياري الغادرة
فلقد سباني حسنُها فأردتُها
من قبلُ لكني خشيتُ الآخرة
فأجبتها لا لن يكونَ وصالُنا
إلا على سننِ النبيِّ الطاهرة
هيا بنا نحو الديار دياركم
سنعودُ زوجاً بالثيابِ الفاخرة