مجلة أقلام عربية (كمان الليل) للشاعر هشام باشا

كمان اللّيل

 

للّيل في هذا المكانِ كَمانُ

و تغَرّبٌ في العزف و استيطانُ

 

و لكُلِّ شيءٍ في المكانِ إثارةٌ

و أنا المكانُ يَعُجُّ بي سُّكَانُ

 

لكنّ سُكّاني جراحٌ كُلّها

إلاّ أنا مِنْ بَينها الإنسانُ

 

أنا مثْلها جُرْحٌ أعيشُ بداخلي

مُذْ غادرتْ عن عينيَ الأوطانُ

 

و كأنّ هذا العزْف بَينَ جوانحي

حُزْنٌ تداعتْ نَحوهُ الأحزانُ

 

للّيلِ في هذا المكانِ حِكايةٌ

أُخرى،و للحدَثِ الغريبِ مكانُ

 

لرياحهِ لحْنانِ،لحْنٌ طافحٌ

يأساً و آخرُ والهٌ حيرانُ

 

هذا يُبَعْثرُ ما يُلملمُهُ الرّجا

و أخوهُ يَنْشرُ ما طوى النّسيانُ

 

في سقْفِ هذا اللّيلِ آهاتٌ و في

جُدرانِهِ ما تَحْملُ الجُدرانُ

 

صُوَرٌ و لوحاتٌ تُجَسّدُ حسْرتي

لكنْ أيُعْقلُ أنّهُ فنانُ؟

 

و بِصَدْرهِ شيءٌ يئنُ كأنّهُ

دِيْني يُشَرِّحُ جِسْمَهُ الإيمانُ

 

و لصَمْتِهِ لُغَةٌ تُغَرِّبُ فَهْمَها

أُذنُ العذابِ و تَفْقهُ الأجفانُ

 

و لما وراء الصّمتِ ثورةُ مُفْعمٍ

بالنّارِ فُضّلَ عندهُ الكتمانُ

 

و كأنّهُ وطني تَأَسَّفَ أنّهُ

يَشْكو و ليسَ لصوتهِ آذانُ

 

كالفَقْدِ ما يَجِدُ التّحَسُّسُ ها هنا

كالأمسِ ماُ تَتَملكُ الأحضانُ

 

كالدمعِ ما كتبَتْهُ أو طَمَستْهُ أو

وهبَتْهُ أو ضمّتْ عليهِ بنانُ

 

و كعادةِ المأساةِ تأخُذني إلى

سفَرٍ يطولُ كأنّهُ أزمانُ

 

و كعادتي أبكي و يَغْتسلُ الدجى

بالدمعِ حتى تذْهبَ الأدْرانُ

 

و يَبينَ لي جذلُ الصباحِ و حزْنُهُ

وطنٌ جريحٌ مرهقٌ تعبانُ

 

هشام باشا

شاهد أيضاً

ريمة

دعني اخُطُّ بِنبْرةَ الأقلامِ شِعراً يفوقُ منصّة الإعلامِ دعني اشِيدُ لريمةٍ ورموزها بقصيدةٍ عزَفت بها …

اترك تعليقاً