مـرآة العمــر :: بقـلم الشاعــرد. عطا الله أبو زيّاد

مرآة العُمر

شعر : عطاالله أبو زيّاد العيزريّ المقدسيّ

هـلاّ لماضــي الزمـان مُرتَجَـعُ = أم غيمُ صَيـفٍ يبــدو فينقشعُ

قــد صِـرْتُ أزْوَرُّ عـن تذكّـرِهِ = فكلمـا رُمْتُ ، مسّنــي الفَزع

أيـن شبــابٌ مضـى بنضــرته = وصـار عَصْـفاً ربيـعُه المَرِع

والعمـرُ مضمـارُ صبـوة وهـوىً = أغشـى سبـاقــاتِه فأنتـزع

أمـسِ علــى قربــه تجـاوَزَنا = ليـس له كي يعـودَ متّسَــع

فوُجهَــةُ الدَّهـــر للأمــام ولا = يلوي بــه للـوراء مُرتَجِـعُ

ماضيــه مستنبـــتٌ لحاضِـرهِ = هـما لآتي الأجيــال مزدرع

مـا نحــن إلا بــه مواصــلةٌ = ندفــع قِدْمـاً كمثل من دفعوا

أخــلدُ منّـا زيتـونــةٌ عمـرت = وقد تولّـت أعمـارُ من زرعوا

لا الديـن فيـما أفــاض أسعـفنا = ولا محـا شكَّنــا بـه الورع

لو كـان فيـه حبـلٌ لذي غــرق = نجــا به اللأوّلـون وانتفـعوا

تعلّــةً ظــلّ لــلأنام وقـــد = تفننــوا في الجـزاء وابتدعوا

فالمــوت آتٍ ولا تخــلِّصُــنا = كنائــسٌ تُبتنــى ولا بِيَــع

ومــا وجدنــا الســلوى بفلسفةٍ = رُغم التهــامٍ لكـلّ ما يقــع

نُخلِصُـها الجهــدَ مـن مُدارسَـةٍ = لتُكشَــفَ المحكماتُ والبـدع

لكنـها مثــلُ بــردةٍ هرئَــت = لكثـرة الُّلبـسِ كلُّــها رُقـع

يقــوّمُ المــرءُ جانبـــا فـإذا = بالجانب المستقيــم ينصـدع

خُلقـت عَفّــّاً كنخــلةٍ سمقــت = إلى سمـاء الكــرام أرتفـعُ

ولســت ممـن لرهبـةٍ سجـدوا = ولا لمــن عنده جَدىً ركـعوا

جمعــتُ كسباً مــن كـلّ مَعْلَمَةٍ = وليس ما أغلبُ الورى جمـعوا

سعيــت في عالـم الجمال مـدى = عمري وغيري إلى الثراء سعوا

لاقيـت مـن كـل مــلّةٍ نفــراً = والناسُ في جُـلّ أمرهـم شيع

لـم أتّبـــع داعيـــاً لشِرعـته = فصاحــبُ الرأي ليـس يَتّبِع

فلــيْ ضمــيرٌ حـيٌّ بفطــرته = وقلـبُ حُـبٍّ للنــاس يتسّعُ

والخُلـْفُ في الخلـق مـن طبائعهم = فالليثُ فيهمْ ، وفيهـمُ الضَّـبُعُ

أُخْلِـــصُ بالـودِّ مــن أصادقُهم = لهم شغـــافُ الفـؤاد مُرتَبَع

همـو معـي أين كـــان مرتَحلي = شمــوسُ أنسٍ بعالمي سطعوا

رفـــاقُ عمـرٍ بهــــم أزيّنه = أُسمِعُـهم قَولتــي ، وأستمـعُ

أطلبــهم جاهـداً إذا ابتعـــدوا = خشيةَ حبــلِ الــودادِ ينقطع

تشبّعـوا بالرّفيــع مــن خُــلُقٍ = ومــن فرات الفنون قـد نبعوا

شاهد أيضاً

ريمة

دعني اخُطُّ بِنبْرةَ الأقلامِ شِعراً يفوقُ منصّة الإعلامِ دعني اشِيدُ لريمةٍ ورموزها بقصيدةٍ عزَفت بها …

اترك تعليقاً